منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 389

الحجّة في ذلك ؟ قال : قلت : لأنّ اليد هي الأصابع والكفّ إلى الكرسوع ، لقول اللّه في التيمّم : «فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ»۱ ، واتّفق معي على ذلك قوم . وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا : لأنّ اللّه لمّا قال : «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»۲ في الغسل، دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المرفق . قال : فالتفت إلى محمّد بن علي عليه السلام فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟
فقال : قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين ، قال : دعني ممّا تكلّموا به، أيّ شيء عندك ؟ قال : اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين ، قال : أقسمتُ عليك باللّه لما أخبرت بما عندك فيه ، فقال : أمّا إذا أقسمت عليَّ باللّه إنّي أقول إنّهم أخطؤوا فيه السنّة، فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أُصول الأصابع فيُترك الكفّ، قال : وما الحجّة في ذلك ؟ قال : قول رسول اللّه عليه وآله وسلّم السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال اللّه تبارك وتعالى :«وَ أَنَّ الْمَسَـجِدَ لِلَّهِ»، يعنى به هذه الأعضاء السبعة التى يسجد عليها،«فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا»، وما كان للّه لم يُقطع.
قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ ۳ .
فنلحظ من هذه الرواية أنّ الإمام الجواد عليه السلام قد تأوّل النصّ القرآني: «وَ أَنَّ الْمَسَـجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا» على غير معناه الظاهر، فأرجعه إلى معنىً آخر مُنتزعا منه تشريعا حكميا أثبت به حدود القطع من يد السارق، وذلك من خلال توظيف النصّ القرآني نصّاً مفسّرا لإبهام ما ورد من شأن موضع القطع في آية السرقة .
والأظهر لدينا أنّ هذه الدلالة التأويلية التي وصل إليها الإمام، هي دلالة ترقى إلى مستوى التفسير الواضح للنصّ ؛ لأنّه لا يمكننا بأيّ حالٍ من الأحوال أن نقول إنّ ثمّة دلالة تأويلية أُخرى ترجح على دلالة الإمام في النصّ. بهذا يعدّ تأويل الإمام تفسيرا

1.المائدة : ۶.

2.النساء : ۴۳.

3.تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۳۱۹ ـ ۳۲۰ ؛ وانظر : تفسير الميزان : ج ۵ ص ۳۳۴ ـ ۳۳۵.

صفحه از 406