منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 395

عن تفسير هذه الآية: «مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ» ؟ قال : عُني بها لم نك من أتباع الأئمّة الذين قال اللّه تبارك وتعالى فيهم : «وَ السَّـبِقُونَ السَّـبِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»۱ ، أما ترى الناس يسّمون الذي يلي السابق في الحلبة (مصلّي) ، فذلك الذي عُني حيث قال : «لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ» ؛ لم نك من أتباع السابقين» ۲ .
فنلحظ أنّ إدريس قد استشكلت عليه لفظة «المصلّين» في النصّ الكريم ، لذا سأل الإمام عنها ، فأجاب الإمام بأنّ هذه اللفظة تحمل دلالة التبع والولاء لأهل البيت عليهم السلام ، فليس المراد من المصلّين أنّهم لم يكونوا يؤدّون فريضة الصلاة كما يحسب المتلقّي ، بل إنّ المراد من هذه اللفظة معنى الولاء لأئمّة الحقّ الذين فرض اللّه ورسوله اتّباعهم ؛ لأنّ منهجهم هو منهج الكتاب المعجز الذي أنزله اللّه على الناس، فاتّباعهم هو اتّباع للقرآن، فهم صنو الحقّ ومَوئله ، فإذا ما تخلّفوا عنهم سقطوا .
واستدلّ الإمام على هذا المعنى من قوله تعالى: «وَ السَّـبِقُونَ السَّـبِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» ، فالسابق لا بدّ له من لاحق، وكلّ لاحق هو تبع وتابع بالضرورة، ولمّا كان المقصود من لفظة «السابقون» في الآية هم الأئمّة عليهم السلام ، كانت لفظة «المصلّين» من هنا تدلّ على معنى التبع لأُولئك السابقين ، فكأنّ الإمام حمل لفظة «المصلّين» في الآية على المَعطى المعجمي ۳ لها دون الدلالة الشرعية المتداولة عند المسلمين، وهي الصلاة بمعنى الفريضة ؛ ذلك بأنّ الذي سلكهم في سقر هو شيء أكبر من تركهم للصلاة، أو بتعبيرٍ آخر هو شيء أكبر من اتّباعهم للصلاة وأدائها دون أن يكونوا من أتباع الحق ؛ لأنّ الصلاة تُلزم مؤدّيها أن يسلك سبيل الحقّ ويتّبع الهُداة إليه .
فإذا تخلّف عن طريق النجاة، لا تنفعه حينئذٍ تلك الصلاة ، فيكون حاله كحال الصائم الذي ليس له من صيامه إلّا الجوع والعطش ؛ لأنّ الغاية من الصيام هي الشعور

1.الواقعة : ۱۰ ـ ۱۱.

2.الكافي : ج ۱ ص ۹۴۱.

3.انظر : العين للفراهيدي : ج ۸ ص ۲۱۵.

صفحه از 406