منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 396

بمعاناة الفقراء والتحنّن إليهم واكتساب القدرة على الصبر والشعور بالمسؤولية ، فإذا ابتعد الصائم عن هذه الغاية انتفى صيامه، فكم من صائمٍ لم تتحقّق لديه الغاية من أداء فريضة الصيام، فهو ليس بصائمٍ بالمعنى الغائي .
من هنا كان تفسير الإمام الصادق للفظة «المصلّين» بدلالة الاتّباع، تفسيرا منطقيا وإبانة عقلية لها من النصّ القرآني ما يؤيّدها ويعضدها ؛ لأنّ العمل الصالح لا بدّ فيه من اقتداء واقتفاء، حيث قيّض اللّه تعالى لكلّ أُمّة هداة وأشياع يشقّوا الطريق لأُولئك الناس الذين يرومون النجاة والعبور إلى ضفة الأمان، فكان من الواجب العقلي والتكليفي معا أن يتّبع مَن يرجو السلامة .
هؤلاء الأشياع «الأئمّة في أُمّة الإسلام»، فما من نبيّ مُرسل إلّا جعل اللّه له خلفاء يقودون الناس من بعده، فلا بدّ لكلّ سلف موكّل من خلف يحمل على عاتقه ثقل الأمانة ويؤدّيها على أكمل وجه، وكل من تخلّف عن هذه النخبة سلك السبيل المخالِف .
فليس غير الحقّ إلّا عدم الحقّ، من هنا سُلِكَ من ضلّ عن التبعية في سقر ؛ لأنّه لم يكن من التابعين للسابقين «الحقّ الأمثل» بلا تشكيك أو تردّد ، فليس التجافي عن أداء الصلاة مدعاة إلى دخول سقر، بقدر ما يدعو ترك الحقّ أصالة الدخول إلى ذلك المكان الذي لا يدخله إلّا كلّ من تخلّف عن اتّباع الحقّ والتمسّك به .
من تتبّعنا للنصوص الروائية التي جاد بها الكليني وأحصاها ورتّبها على وفق موضوعاتها والتي ضمّنها الأئمّة منهج تفسير القرآن بالقرآن، يمكن أن نصل إلى قناعة تنصّ على أنّ استعمال الأئمّة عليهم السلام لمنهج تفسير القرآن بالقرآن في مروياتهم، وسبق الرسول صلى الله عليه و آله إلى استعمال هذا المنهج قبلهم، يدلّ دلالة قطعية على صحّة تطبيق هذا المنهج في الوصول إلى صدق الدلالة المرادة في النصّ القرآني ، فليس أصدق من تفسيره سبحانه إلى كتابه، وما وظيفة الإمام أو المفسّر المستعمل لهذا المنهج إلّا وظيفة المتأمّل والمفكّر في نصوص القرآن لبيان مدلولات نصوصه الأُخرى من خلال

صفحه از 406