منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 399

بهذا يضمّ التفسير وزيادة . فكلّ تفسير بيان بالضرورة، وليس كلّ بيان تفسير بالضرورة .
فعلى الرغم من أنّ تفسير المفردة في ذات الآية يعدّ إيضاحا لتلك المفردة وبيانا لها، إلّا أنّه لا يمكن أن نعده من باب تفسير القرآن للقرآن ؛ لأنّ قرائن النصّ تبيّن بعضها بعضا في نسق كلامي معيّن، فالسياق النصّي للآية له حاجة مُلحّة لهذه الموضّحات، فتكون هذه القرائن البيانية من مقتضيات البناء التكاملي لمضمون النصّ الواحد ، ومن دونها يحال النصّ إلى مجموعة من الرموز والإشارات التي لا يمكن معرفتها .
من هنا تحتّم على المتكلّم أن يورد هذه الإيضاحات في موضعٍ واحد لبيان دلالة تلك الآية بوضوح ، إذ مرتكز الحديث يُناط بذكر تلك اللفظة الموضّحة، وبرفعها يختلّ المعنى وتتصدّع الدلالة، ويشوب النصّ شيء من الغموض غير المسوّغ .
من هنا نقرّر أنّ عملية إيضاح النصّ من داخله لا تعدّ من باب تفسير القرآن بالقرآن، وأنّ ما يصدق عليه منهج تفسير القرآن بالقرآن هو ما كان إيضاح المبهم فيه من خارج نصّه ؛ لأن إيضاح النصّ من داخله ضرورة مُلحّة ومكملات واجبة لبيان النصّ ذاته . وبمعنى آخر أنّ دلالة النصّ والغاية منه تتوقّف على ذكر تلك الأداوت الموضّحة داخل النصّ، وبانتفائها تنتفي الغاية التي سيق من أجلها النصّ بأسره كما تبيّن ذلك ، أمّا المبهم الذي يُساق في نصّ ويرد تفسيره في نصٍّ آخر ، فإنّ هذا يدلّ على أنّ عدم إيضاح ذلك المبهم في النصّ ذاته لا يعدّ ضرورة يتوقّف عليها النصّ، وإنّما يمكن إرجاء البيان إلى نصٍّ آخر، ولا غضاضة في هذا البتّة ؛ بل يُنظر إليه على أنّه إبداع نصّي وقدرة بيانية عالية على سبك المضامين ، وجودة ترتيب أجزاء النصّ على أساس المبهم، وبيان ذلك المبهم ليكون كلُّه كُلّاً واحدا مُوحّدا لا اختلاف فيه البتّة .

صفحه از 406