منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 401

منهج «تفسير النصّ بالنصّ»، أنّ أغلب هذه الرويات تنصّ على إزاحة الغموض عن النصوص ذات الدلالات التشريعية، كحرمة الخمر، وتحديد مقدار القطع من يد السارق، ونظرائها ، وهذا يعبّر عن مدى تحسّس الأئمّة للجانب التكليفي في النصّ القرآني، فضلاً عن رغبتهم الشديدة وموقفهم التوكيلي في إبانة هذا النمط الدلالي من القرآن الكريم ، ذلك بأنّ الجمع لهم حاجة إلى من يرشدهم إلى غايات المراد الإلهي لأداء المطلوب ، لذا اعتنى الأئمّة عليهم السلام بهذا الجنس المضموني انطلاقا من مبدأ العدالة الإلهيّة التي من مضانها قاعدة «أنّ التكليف بالمبهم من المحال عقلاً ومنطقا» .
4 ـ وصل الباحث إلى قناعة قادته إلى القول بأنّ عملية بيان القرآن بالقرآن تجري عمليا على نمطين: الأوّل: عملية بيان اللفظ المبهم في ذات النصّ الذي سيق فيه ذلك المبهم ، أمّا الثاني: فهو عملية بيان مبهم النصّ من نصٍّ آخر منفصل عن النصّ المبهم اعتمادا على منطق «البيان من الخارج» ، وهذا النمط الأخير هو الذي يصدق عليه تسمية «منهج تفسير القرآن بالقرآن» ؛ لأنّ النمط الأوّل من البيان القرآني يعدّ فيه البيان من موجبات تمام دلالة النصّ، وباقصاء هذه البيانات يحال النصّ إلى مجموعة رموز وإشارات غير مفهومة ، ولا يمكن ـ والحال هذه ـ إجراء عملية إبانة خارجية لهذه الرموز من نطاق خارج النصّ ؛ ذلك بأنّ أجزاء النصّ «المرمّز» غير متكاملة أساسا حتّى تجري عملية إبانتها من الخارج ، فيجب أن يتكامل النصّ دلالةً ومنطقا ابتداءً ، ويرد فيه شيء مبهم حتّى يتسنّى إعمال تفسيره وبيانه من نطاق خارج النصّ أو من نصٍّ آخر منفصل عنه .
ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : «وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا لَـعِبِينَ»۱ ، فلو حذفتَ لفظة «لاعبين» من الآية الكريمة ـ وهي من أدوات البيان الإيضاحي بوصفها حالاً تأسيسا ـ ، لاختلّ المعنى ولأصبح الخطاب ناقصا يحتاج

1.الأنبياء : ۱۶.

صفحه از 406