منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 402

إلى تتمّة ، بل سيحال النصّ إلى رموز مبهمة كلّية ، ومثله قوله تعالى : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَـرَى»۱ ، فلو رفعت عبارة «وأنتم سكارى» لانقلب المعنى المراد تماما ، ولفُهم أنّ اللّه تعالى ينهى عن الصلاة نفسها، وليس النهي واقعا على أداء الصلاة في حال السكر ، فأعطت الآية بهذا الحذف ل «البيان القيدي» المعنى الضدّ أو الدلالة المعاكسة لما أراده اللّه تعالى من هذا النصّ، فيكون النصّ بهذا مبهماً أيضا؛ لتقاطعه مع النصوص التي تثبت وجوب الصلاة .
من هنا كان وجود أدوات البيان داخل النصّ نفسه أمرا تقتضيه الصيرورة الدلالية العامّة للنصّ، وبانتفاء هذه الأدوات ينتفي تكوّن الدلالة العامّة التي يسعى النصّ لبنائها وإيصالها للمتلقّي ، لذا كان الوجود البياني الداخلي ها هنا واجبا ، وبهذا لا يعدّ هذا النمط البياني من باب تفسير القرآن بالقرآن ؛ لأنّه بيانٌ واجب الوجود في النصّ ، من هنا نقرّر أنّ منهج تفسير القرآن بالقرآن لا يكون إلّا بإبانة للمبهم النصّي من نصٍّ منفصل عنه خارج عن نطاقه البتّة .
5 ـ إنّ منهج تفسير القرآن بالقرآن يمثّل دفعةً جادةً نحو الحِراك الفكري وممارسة التأمّل العقلي في النصّ القرآني، والقدرة على ربط الجزئيات بعضها ببعض من أجل إنتاج الدلالة التفسيرية لذلك النصّ المعجز ، فاتّباع الأئمّة عليهم السلام لهذا المنهج في كتاب الكافي ما هو إلّا دعوة صريحة إلى استعمال العقل البشري في بناء البيان الدلالي للخطاب المقدّس .
فكثير من إبهامات القرآن جرى إيضاحها بالقرآن نفسه، وما على الناظر فيه إلّا التأمّل والتأنّي حتّى يتسنّى له التقاط الدلالة ولملمتها تكميلاً لتحقّق تكاملها .
وبالمحصّلة، فإنّ كثرة النظر في النصّ القرآني تولّد قدرةً عاليةً على شدّ الوشائج النصّية وإعادة قراءتها على أساس الإبهام وعلاقته الجدلية بالبيان المنفصل عنه نصّاً لا

1.النساء : ۴۳.

صفحه از 406