صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 301

الثالث : النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل . والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام وفي زمان الصحابة قطعاً ، ويدلّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنّ عثمان أحرق جملة من المصاحف وأمر ولاته بحرق كلّ مصحف غير ما جمعه ، وهذا يدلّ على أنّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه ، وإلّا لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها . وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف ، منهم عبد اللّه بن أبي داوود السِّجِستاني ، وقد سمّى كتابه هذا بكتاب المصاحف .
وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة إمّا من عثمان أو من كتّاب تلك المصاحف ، ولكنّا سنبيّن بعد هذا إن شاء اللّه تعالى أنّ ما جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين ، الذي تداولوه على النبيّ صلى الله عليه و آله يداً بيد ، فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنّما وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان ، وأمّا القرآن الموجود فليس فيه زيادة ولا نقيصة .
الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل ، والتسالم على قراءة النبيّ صلى الله عليه و آله إيّاها . والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القرآن قطعاً ، فالبسملة ـ مثلاً ـ ممّا تسالم المسلمون على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة ، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة ، فاختار جمع منهم أنّها ليست من القرآن ، وذهب آخرون إلى أنّ البسملة من القرآن . وأمّا الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كلّ سورة غير سورة التوبة ، واختار هذا القول جماعة من علماء السنّة أيضاً .
إذن فالقرآن المنزل من السماء قد وقع فيه التحريف يقيناً بالزيادة أو بالنقيصة .
الخامس : التحريف بالزيادة ؛ بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل . والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا علم بطلانه بالضرورة .
السادس : التحريف بالنقيصة ؛ بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، فقد ضاع بعضه على الناس . والتحريف بهذا

صفحه از 366