صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 312

أ . اهتمام المسلمين بالقرآن على مدى العصور

لا ريب أنّ للمسلمين اهتماما شديدا بالقرآن الكريم على مدى العصور ، من زمن النبيّ صلى الله عليه و آله إلى يومنا هذا ، فإذا كانت الروايات المذكورة قد سيقت للدلالة على حذف فقرات من الآي الحكيم لكان مثاراً للكلام والتعجُّب والضجّة بين المسلمين في زمان المعصومين عليهم السلام الذين نطقوا بذلك ، مع أنّنا لا نجد لذلك عينا ولا أثراً في التاريخ والروايات . بل لا نجد اعتراضاً على الأئمّة عليهم السلام في ذلك .
نعم نجد في بعض الروايات تعجّب السامع من قراءة أهل البيت عليهم السلام ، فروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام :
قُلتُ لَهُ : قَولُ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ :«هَـذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ»قالَ فَقالَ : إِنَّ الكِتابَ لَم يَنطِق وَ لَن يَنطِقَ وَ لكِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله هُوَ النَّاطِقُ بِالكِتابِ ؛ قالَ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ :«هَـذَا كِتَـبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ». قالَ : قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، إِنَّا لا نَقرَؤُها هكَذا ؟ فَقالَ : هكَذا و اللّهِ نَزَلَ بِهِ جَبرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وَ لكِنَّهُ فِيما حُرِّفَ مِن كِتابِ اللّهِ .۱
وهي في اختلاف القراءات كما هو واضح ، لا في حذف شيء من القرآن ، واختلاف قراءة القرآن ثابتة بلا ريب كما تقدّم .
والنقطة الجديرة بتسليط الأضواء عليها هي : إنّنا نجد تعجّب الراوي واستغرابه من هذه القراءة ، واعتراضه على الإمام عليه السلام ، فهل يعقل أن يكون المراد من هذا العدد الكثير من الروايات هو التحريف بحذف فقرات من آي الذكر الحكيم وهذا الحذف بمسمع من المسلمين ، ومع ذلك لا نجد اعتراضاً من أحدهم في شيء من الروايات ! هذا غير معقول إطلاقاً .
فهذه قرينة على عدم فهم أصحاب الأئمّة عليهم السلام ومعاصريهم التحريفَ من هذه الروايات ، وهي القرينة الاُولى النافية لإرادة التحريف من هذه الروايات .

1.المصدر السابق : ج ۸ ص ۵۰ ح ۱۱ حديث موسى عليه السلام .

صفحه از 366