صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 313

ب . عدم انسجام القول بالتحريف مع روح الروايات الأُخرى

من الأُمور التي ينبغي ملاحظتها عند فهم الحديث وتقييمه والتعامل معه هو لحاظ الروايات الأُخرى ؛ فإن الروايات كالبنيان المرصوص الذي يشدّ بعضه بعضاً ، فبعضها يبيّن بعضاً . وهذا لا يختصّ بالروايات الشريفة ، بل هو أُسلوب متعارف في عرف أهل القانون في جميع البلدان ، فإذا اعتمد الفرد في فهمه لقانون معين على مادة قانونية من دون الأخذ بنظر الاعتبار القوانين الأُخرى فإنّه سيفهمه فهماً خاطئاً بلا ريب ، فإن القوانين يفسّر بعضها بعضاً ، فالقانون الذي يثبت حرّية إبداء الرأي لأفراد المجتمع لابدّ أن يفهم بما ينسجم مع القوانين الأُخرى ؛ من عدم التعدّي على حقوق الآخرين ، وعدم المسّ بالمقدّسات ، و ... ، فإذا مسّ أحد الأفراد كرامة النبيّ صلى الله عليه و آله أو أحد المعصومين عليهم السلام محتجّاً بحرّية الرأي فلا يعذر في ذلك بلا ريب . وكذا الروايات ، فإنّ فهمها الصحيح يكون من خلال النظر إلى الروايات الأُخرى ، ومع مراعاة الانسجام بينها .
والذي يراجع الروايات والنصوص الإسلاميّة يجد بوضوح أنّها لا تنسجم مع دعوى التحريف ؛ فإنّنا نجد في الروايات والنصوص الإسلاميّة اهتماماً بالغاً بالقرآن ، وقد تقدّمت الإشارة إلى الأبواب التي عقدها الشيخ الكليني قدس سره في كتابه الكافي ، بل هناك روايات كثيرة أُخرى في غير الكافي أيضاً منها ما رواه الشيخ المجلسي قدس سره في كتابه بحار الأنوار ضمن أبواب «كتاب القرآن» ۱ ، وهي أبواب متنوّعة ، وتتضمن روايات كثيرة جداً ، وهذا ما يبيّن اهتمام الأئمّة عليهم السلام بالقرآن الكريم ، وهو لا ينسجم مع دلالة هذه الروايات على التحريف بلا ريب ؛ إذ لو كان محرّفاً لما وقع هذا الحثّ الأكيد على قراءته وحمله وحفظه و ... خصوصاً مع ورود الروايات بهذا العدد الملفت للانتباه .

1.انظر الجزء ۸۹ و ۹۰ من بحار الأنوار ، وقد ذكر العلّامة المجلسي قدس سره فيهما ۱۳۰ باباً .

صفحه از 366