صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 318

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قالَ : بَيْنا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَوْمٍ جالِساً إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِن عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَ لَولا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوائِفُ مِن أُمَّتِي ما قالَتِ النَّصارَى فِي عِيسَى ابنِ مَريَمَ لَقُلتُ فِيكَ قَولاً لا تَمُرُّ بِمَلإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَا أَخَذُوا التُّرابَ مِن تَحتِ قَدَمَيكَ يَلتَمِسُونَ بِذلِكَ البَرَكَةَ .
قالَ : فَغَضِبَ الأَعرابِيَّانِ و المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ وَ عِدَّةٌ مِن قُرَيشٍ مَعَهُم فَقالُوا : ما رَضِيَ أَنْ يَضرِبَ لابنِ عَمِّهِ مَثَلاً إِلَا عِيسَى ابنَ مَريَمَ!
فَأَنزَلَ اللّهُ عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ : «وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَ قَالُواْ ءَأَ لِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَا جَدَلَا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَ جَعَلْنَـهُ مَثَلاً لِّبَنِى إِسْرَ ءِيلَ * وَ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم» يَعْنِي مِنْ بَنِي هاشِمٍ «مَّلَئِكَةً فِى الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ» 1 .
قالَ : فَغَضِبَ الحارِثُ بنُ عَمرٍو الفِهْرِيُّ فَقالَ : اللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الحَقَّ مِن عِندِكَ أَنَّ بَنِي هاشِمٍ يَتَوارَثُونَ هِرَقْلاً بَعدَ هِرَقْلٍ فَأَمطِرْ عَلَينا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ 2 ، فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيهِ مَقَالَةَ الحَارِثِ وَنَزَلَت هذِهِ الآيَةُ : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» 3 ، ثُمَّ قالَ لَهُ : يابنَ عَمرٍو إِمَّا تُبتَ وَإِمَّا رَحَلْتَ . فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، بَل تَجعَلُ لِسائِرِ قُرَيشٍ شَيئاً مِمَّا فِي يَدَيكَ فَقَد ذَهَبَت بَنُو هاشِمٍ بِمَكرُمَةِ العَرَبِ والعَجَمِ . فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : لَيسَ ذلِكَ إِلَيَّ ذلِكَ إِلَى اللّهِ تَبارَكَ وتَعالَى . فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، قَلْبِي ما يُتابِعُنِي عَلَى التَّوبَةِ ولَكِنْ أَرْحَلُ عَنكَ .
فَدَعا بِراحِلَتِهِ فَرَكِبَها فَلَمَّا صارَ بِظَهرِ المَدِينَةِ أَتَتْهُ جَنْدَلَةٌ فَرَضَخَت هامَتَهُ ثُمَّ أَتَى الوَحيُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ : «سَأَلَ سَآئِل بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَـفِرِينَ» بِوَلايَةِ عَلِيٍّ

1.الزخرف : ۵۷ ـ ۶۰ .

2.وهذا ما أشارت له الآية ۳۲ من سورة الأنفال : « وَ إِذْ قالُوا اللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ » .

3.الأنفال : ۳۳ .

صفحه از 366