صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 319

«لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِى الْمَعَارِجِ» 1 ... . 2
وهذا يبيّن ما كانت تنطوي عليه نفوسهم المريضة من عدم إذعانهم لما يقوله رسول اللّه صلى الله عليه و آله الذي قال الباري في حقّه : «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى» . 3
كما ينقل لنا أرباب التأريخ والحديث أيضاً في قضيّة تأمير أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّ بعض المسلمين قال للنبي صلى الله عليه و آله : «هذا شيء منك أم من اللّه ؟!» ، فروى القرطبي في تفسير الآيات : «سَأَلَ سَآئِل بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَـفِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ» 4 :
وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنّه لمّا بلغه قول النبيّ صلى الله عليه و آله في عليّ رضى الله عنه : مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيُّ مَولاهُ ركب ناقته فجاء حتّى أناخ راحلته بالأبطح ثمّ قال : يا محمّد ، أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلا اللّه وأنّك رسول اللّه ، فقبلناه منك ، وأن نصلّي خمساً ، فقبلناه منك ، ونزكّي أموالنا ، فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في كلّ عام ، فقبلناه منك ، وأن نحجّ ، فقبلناه منك ، ثمّ لم ترضَ بهذا حتّى فضّلت ابن عمّك علينا ! أ فهذا شيء منك أم من اللّه ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ما هُوَ إلّا مِنَ اللّهِ ، فولّى الحارث وهو يقول : اللّهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم 5 . فوَاللّه ما وصل إلى ناقته حتّى رماه اللّه بحجرٍ فوقع على دماغه ، فخرج من دبره فقتله ، فنزلت : «سَأَلَ سَآئِل بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» الآية . 6
ونقل الشيخ الأميني أعلى اللّه مقامه في كتابه القيّم «الغدير» تفسير الآية من سورة

1.المعارج : ۱ ـ ۳ .

2.الكافي : ج ۸ ص ۵۷ ح ۱۸ .

3.النجم : ۳ و ۴ .

4.المعارج : ۱ و ۲ .

5.وهذا ما أشارت له الآية ۳۲ من سورة الأنفال : « وَ إِذْ قالُوا اللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ » .

6.تفسير القرطبي : ج ۱۸ ص ۲۷۸ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۲۴۰ .

صفحه از 366