صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 321

الحُسَينُ بنُ مُحَمَّدٍ عَن مُعَلَّى بنِ مُحَمَّدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الهاشِمِيِّ قالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَى قالَ : حَدَّثَنِي جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ عليهم السلام فِي قَولِهِ عَزَّ وَ جَلَّ :«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا»۱قالَ : لَمَّا نَزَلَت : إِنَّما«وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ»۲اجتَمَعَ نَفَرٌ مِن أَصحابِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي مَسجِدِ المَدينَةِ فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ : ما تَقُولُونَ فِي هذِهِ الآيَةِ ؟ فَقالَ بَعضُهُم : إِن كَفَرنا بِهذِهِ الآيَةِ نَكفُرُ بِسائِرِها ، وَ إِن آمَنَّا فَإِنَّ هَذا ذُلٌّ حِينَ يُسَلِّطُ عَلَينا ابنَ أَبي طالِبٍ . فَقالُوا : قَد عَلِمنا أَنَّ مُحَمَّداً صادِقٌ فِيما يَقُولُ وَ لكِنَّا نَتَوَلّاهُ وَ لا نُطِيعُ .۳
فهذه النماذج وغيرها تبيّن وجود بقايا من أخلاق الجاهليّة وعصبيّتها في نفوس المسلمين بعد مضي تمام تلك السنين إلى جانب النبيّ صلى الله عليه و آله ، فإنّ نصب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير كان في أواخر حياته صلى الله عليه و آله ، ومع ذلك نجد عدم تحمّل بعض المسلمين لذلك ، وهذا ما يكشف عن عمق جذور تلك الأخلاق في نفوسهم .
ومن هنا نعرف السرّ في خوف النبيّ صلى الله عليه و آله من تبليغ ما أُمر به في عليّ عليه السلام ، والسرّ في خطاب اللّه تعالى نبيّه الكريم بهذا اللحن الشديد ، بقوله : «يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَـفِرِينَ» . ۴
وبهذا تبرز وتتبيّن الحاجة إلى استعمال أساليب رصينة لمواجهة هذه الرذائل والأخلاق الدنيئة بحيث تتناسب مع خطورتها وآثارها السيّئة من جانب ، ومع رسوخها في نفوسهم طيلة قرون من جانب آخر .
فكان المسلمون ينكرون التفسير الوارد في عليّ عليه السلام ولا يصدّقون به ؛ لتصوّرهم

1.النحل : ۸۳ .

2.المائدة : ۵۵ .

3.الكافي : ج ۱ ص ۴۲۷ ح ۷۷ .

4.المائدة : ۶۷ .

صفحه از 366