صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 323

فقل : «هكذا نزلت مع تفسيرها أو تأويلها» .
ولا ريب أنّ هذا الاُسلوب له أثره البالغ في المخاطبين من الناحية النفسيّة ، ممّا يساعد على قبولهم المعاني المذكورة لهم ، وهذا ما نجده بالوجدان ؛ فإذا ورد علينا الخبر وفيه «أخبرني أبي عن جدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن جبرئيل عن اللّه بكذا» فإنّه يختلف عن الخبر الوارد عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله مباشرة ومن دون نقله عن جبرئيل عليه السلام . ومن جانب آخر فإنّ لهذا الاُسلوب أثرا بالغا في ترسيخ المعاني المذكورة أيضاً ؛ فإنّه يكشف عن مدى أهمّية هذا الموضوع بحيث يتصدّى الباري عزّوجلّ لبيانه .
فالتأثير الإيجابي للاُسلوب المستخدم وما له من جذور في علم النفس ، مأخوذ بنظر الاعتبار في الأساليب التي ينهجها النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام في عرض المعلومات والحقائق للناس ، وليس أمراً جزافيّاً ، ولعل هذا داخل في قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
إِنَّا مَعاشِرَ الأنبياءِ أُمِرنا أَن نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِم .۱
الذي يدلّ على مراعاة جميع الأنبياء عليهم السلام لحالات الناس المختلفة ، ومقدار تحمّلهم للحقائق المعروضة عليهم حين تبليغ الرسالات .

ب . وسائل الكتابة وأثرها على عرض المعلومات

لم تكن الأدوات المستخدمة في عملية الكتابة آنذاك كما هي عليه هذا اليوم ، فلم تكن الأوراق كالأوراق الموجودة هذا اليوم ، وإنّما كانت الكتابة على الجلد والخشب ونظائرهما ، والحصول عليهما صعب بالقياس إلى الحصول على الورق في عصرنا الحاضر كما لا يخفى . من جانب آخر فإنّ أسعار الجلود مرتفعة غالباً ، ممّا يفرض على الكاتب اختصار الكتابة .
كما أنّ الأقلام لم تكن نظير الأقلام المتنوّعة في العصر الحاضر ، ولا الكتابة بها كالكتابة بهذه ، بل كانت الكتابة بالقصب والريش ونظائرها ، ولا ريب أنّ الكتابة بها

1.الكافي : ج ۱ ص ۲۳ ح ۱۵ كتاب العقل والجهل ؛ لسان الميزان : ج ۶ ص ۲۷۴ .

صفحه از 366