صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 324

تستغرق وقتاً أكثر ، مع ما يواجهه الكاتب من صعوبات ؛ نظير لزوم إدخال القلم في الدواة بعد كتابة كلّ كلمة أو كلمتين ، بخلاف الكتابة بالأقلام المتعارفة في هذا العصر .
فمن خلال إلقاء نظرة إلى الكتابة ، ووسائلها القرطاسيّة في ذلك العصر ، وما كانت تواجهه من مشاكل ، يُعرف بوضوح أنّ الاُسلوب المناسب لكتابة التفسير هو التفسير المختصر ، وأفضل التفاسير المختصرة بياناً ووقعاً في النفوس هو التفسير المزجي .
علماً أنّ التفسير المزجي يعلق ويرسخ في ذهن السامع والقارئ بسرعة ، بخلاف غيره من التفاسير ؛ وذلك أنّ العبارة الحاصلة بعد التفسير تكون منسجمة ولا يشعر القارئ بتفكّك بين أجزائها ، فتعلق وترسخ بسهولة في ذهنه . ولعلّ أحد أسباب توهّم إرادة التحريف من هذه الروايات هو تفسير الآيات تفسيراً مزجيّاً .
والذي يعزّز هذا الوهم ويقوّيه هو عدم فصل الآيات عن غيرها بأقواس ونحوها ، أو فقل : لم تكن في الكتابة آنذاك علائم ترقيم تميّز الآية عن غيرها كما هو اليوم في الكتب المطبوعة والمحقّقة ، بل الكتابة سابقاً نظير كتابة الكتب الحجرية والمخطوطات القديمة ، بخلاف الكتب المطبوعة والمحقّقة التي تفرز عباراتها الواحدة عن الأُخرى بفارزة أو نقطة ، وتميّز آياتها بأقواس خاصة وخطّ معيّن كما صنعناه نحن عند إيراد الروايات ، فهذا له الأثر البالغ في رفع هذا التوهّم كما هو واضح .

ج . عدم التصريح في شيء من الروايات بحذف شيء من القرآن

إذا كان المراد من الروايات المذكورة هو إثبات حذف شيء من القرآن لكان من المناسب التعبير بـ «حذفوا منه ذلك» أو «فحذفوها» أو نظير ذلك ، ولو في بعض الروايات ، مع أنّنا لا نجد ذلك في شيء من الروايات .
بل إنّ المناسب للروايات التي ورد فيها : «نَزَلَ القُرْآنُ أثْلاثاً : ثُلُثٌ فِينَا وَفِي عَدُوِّنَا ، وَثُلُثٌ سُنَنٌ وَأمْثَالٌ ، وَثُلُثٌ فَرَائِضُ وَأحْكَامٌ» أو «نَزَلَ القُرْآنُ أرْبَعَةَ أرْبَاعٍ ؛ رُبُعٌ فِينَا ،

صفحه از 366