صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 326

الأخبار ؛ باعتبارهم قريبين من تلك القرائن المحيطة والمكتنفة للخبر أو الأخبار ، بل هم يعيشون نفس الأجواء ، وتحكمهم نفس المرتكزات التي كانت في ذلك الزمان وفي ذلك المجتمع .
وفي المقام نجد أنّ الشيخ الكليني قدس سره أورد هذه الروايات في بابٍ عنوانُه : «بابٌ فيه نُكتٌ و نُتَفٌ من التَّنزيل في الوَلاية» ، ولم يورد شيئاً منها في «كتاب فضل القرآن» بأبوابه المتنوّعة والمتعدّدة ، وهذا يعني أنّه لم يفهم منها التحريف أصلاً ـ وإلّا لأوردها أو بعضها في أبواب القرآن ـ ، وإنّما فهم منها التفسير ، وأنّ هذه الآيات مفسّرة في الولاية ، لا أنّ لفظ الآية هو ما ورد في الرواية ، مع دقّة الشيخ الكليني قدس سره الفائقة ، وعظمته في الحديث بحيث قال الشيخ النجاشي في وصفه :
شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ، ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث ، وأثبتهم . . . ومات أبو جعفر الكليني رحمه الله ببغداد سنة تسع وعشرين وثلاثمئة ، سنة تناثر النجوم ۱ .
كما وصفه السيّد علي بن طاووس قدس سره بقوله :
كان حياته في زمن وكلاء المهدي عليه السلام عثمان بن سعيد العمري ، وولده أبي جعفر محمّد ، وأبي القاسم حسين بن روح ، وعلي بن محمّد السمري ، وتوفي محمّد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمّد السمري .. . فتصانيف هذا الشيخ محمّد بن يعقوب ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين ۲ .
ففهم هذا الشيخ الجليل والمحدّث الخبير لهذه الروايات قرينة مهمّة للفهم الصحيح للأخبار ، وقد أدرجها جميعاً في «باب فيه نُكتٌ و نُتَفٌ من التَّنزيل في الوَلاية» ، وهذا يعني أنّه فهم منها التفسير ، ولم يفهم منها التحريف ، وهذا الفهم قرينة هامّة باعتبار قربه من عصر النص ، خصوصاً وأنّه معاصر للنوّاب الأربعة للإمام الحجّة عجّل اللّه فرجه الشريف .

1.الفهرست للنجاشي : ص ۳۷۷ الرقم ۱۰۲۶ .

2.كشف المحجّة لثمرة المهجة : ص ۱۵۹.

صفحه از 366