صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 337

وهذا الاُسلوب لا يختصّ بأهل البيت عليهم السلام ، بل هو سيرة أتباعهم أيضاً ، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على سيرة أهل البيت عليهم السلام في الاستناد للقرآن ، وهذا دليل آخر على عدم إرادة تحريف القرآن من هذه الروايات ، وإلّا لترك القرآن في معزل ، ولما وقع هذا التأكيد على الاستشهاد به .

ح . فهم العلماء لهذه الروايات

تقدّم أنّ أحد القرائن المهمّة في فهم الحديث فهماً صحيحاً هو فهم أصحاب الأئمّة والمعاصرين لهم ، ومن قارب عصرهم ، ممّن عاش نفس الأجواء والمرتكزات العرفية الموجودة في زمان المعصوم عليه السلام ، وتقدّم أن الشيخ الكليني قدس سرهقد فهم منها التفسير ، وأنّ معناها أو شأن نزولها هو ما ذكر في هذه الروايات ؛ ولهذا أوردها في باب «نُكتٌ و نُتَفٌ من التَّنزيل في الوَلاية» .
وفهم هذه الأحاديث ونظائرها بهذا الفهم لا يختصّ بعلمائنا ، بل صرّح به بعض علماء المذاهب الأُخرى أيضاً ، بل نجد استخدام هذا الاُسلوب التفسيري وهذا النحو من البيان لمعاني آيات الكتاب العزيز في سيرة أجلّاء الصحابة ، أمثال عبد اللّه بن عبّاس وابن مسعود ، ففي جامع البيان :
حدّثنا ابن المثنى ، قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدّثنا سعيد بن أدهم السدوسي ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن عبد المجيد ، قال : سمعت مسلم بن عمّار ، قال : سمعت ابن عباس يقرأ هذا الحرف :«فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا»۱.۲
وفي الدرّ المنثور :
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضى الله عنه أنّه كان يقرأ هذا

1.في المصحف الشريف : «فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا» الفرقان: ۷۷.

2.جامع البيان : ج ۱۹ ص ۷۱ ح ۲۰۱۷۵ .

صفحه از 366