صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 344

عربي سليم ، فإنّ هذا التعبير في اللُّغة العربيّة لا يدلّ على ذلك أصلاً ، وإنّما المراد من هذه الطائفة من الروايات هو أنّ مغزى وروح ومعنى هذا المقدار من الكتاب وارد في أهل البيت عليهم السلام ونازل في حقّهم .
ومما يؤيّد ما ذكرناه صحّة قولك : «أنشدتُ في فلان شعراً» ، بأن يكون المقصود والمعنيّ بالشعر هو ذلك الرجل ، مع خلوّه عن ذكر اسم ذلك الرجل بالمرّة . وإن أبيتَ عن هذا فإنّ أبناء اللّغة العربيّة لا يفهمون من قولك : «أنشدتُ في فلان ألفَ بيتٍ من الشعر» أنّك ذكرته ألف مرّة ، بلا ريب ، وهذا واضح لأبناء اللغة .

ك . اختلاف نُسَخِ الحديث

كل ما ذكرناه مبني على كون الصادر عن المعصوم عليه السلام هو المتون المذكورة بهذه الخصوصيّات ، مع أنّه يجب تحصيل الاطمئنان بهذه النقطة أوّلاً وقبل البحث في دلالتها على التحريف وعدمه ، وهو ما يحصل بمراجعة النسخ المختلفة للروايات ، وملاحظة خصوصياتها المختلفة ، سواء في نسخ الكتاب المتعدّدة ، أم في غيره من الكتب والمصادر الحديثيّة ، فإنّ البحث عن معنى الحديث فرع ثبوت متنه أوّلاً كما هو واضح .
فإذا كانت نُسخ الحديث مختلفة لفظاً ، فإنّ الذي يريد إثبات دلالة هذه الروايات على التحريف فعليه أوّلاً إثبات أنّ النسخة الصحيحة للحديث هي النسخة التي تحت اختياره ، ثمّ يبرز القرائن الدالّة على دعواه .
مع أنّ الذي يراجع نسخ الأحاديث المذكورة يجد في بعضها الاختلاف ، ويرى أنّ توهّم التحريف في بعض الأحاديث المذكورة مبنيّ على إحدى النسخ دون غيرها ، فالرواية المذكورة في الطائفة السابعة مثلاً وردت في مصادر أُخرى مع كون الآية الواردة فيها طبق المصحف الشريف ، فقد ورد نفس الخبر في المحاسن للبرقي ۱

1.هو أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي من أعلام قمّ ، توفّي أواخر القرن الثالث (سنة ۲۷۴ ر أو ۲۸۰ ه) ، وقد روى عنه الشيخ الكليني في الكافي كثيراً ، فكتابه المحاسن من مصادر الكافي .

صفحه از 366