صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 345

وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد هكذا :
عَنهُ ، عَن بَعضِ أصحابِنا رَفَعَهُ ، قالَ : قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : ما قَسَمَ اللّهُ لِلعِبادِ شَيئا أفضَل مِنَ العَقلِ ، فَنَومُ العاقِلِ أفضَلُ مِن سَهَرِ الجاهِلِ ، وإفطارُ العاقِلِ أفضَلُ مِن صَومِ الجاهِلِ ، وإقامَةُ العاقِلِ أفضَلُ مِن شُخوصِ الجاهِلِ ، ولا بَعَثَ اللّهُ رَسولاً ولا نَبِيّاً حَتّى يَستَكمِلَ العَقلَ ويَكونَ عَقلُهُ أفضَلَ مِن عُقولِ جَميعِ أُمَّتِهِ ، و ما يُضمِرُ النَّبِيُّ في نَفسِهِ أفضَلُ مِن اجتِهادِ جَميعِ المُجتَهِدينَ ، وما أدّى العاقِلُ فَرائِضَ اللّهِ حَتّى عَقلَ مِنهُ ، ولا بَلَغَ جَميعُ العابِدينَ في فَضلِ عِبادَتِهِم ما بَلَغَ العاقِلُ . إنَّ العُقَلاءَ هُم أُولُو الأَلبابِ الَّذينَ قالَ اللّهُ عَزَّوجَلَّ :«إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الْأَلْبَـبِ»۱.۲
واحتمال التحريف مبنيّ على كون الصادر من المعصوم عليه السلام هو النسخة المطابقة لمتن الكافي المطبوع ، لا غيرها ، مع أنّ نسخة الحديث في هذا الكتاب فيها خلل ، ومنشأ هذا الخلل هو اشتباه النسّاخ أو الناقلين للنسخة في نقلهم للآية ، بسبب التشابه بين الآيتين : «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الْأَلْبَـبِ» و «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَا أُوْلُواْ الْأَلْبَـبِ» ، فوقع الخلط بينهما فقرئت هكذا : (وَ مَا يَتَذَكَّرُ إِلَا أُولُو الأَلْبَابِ) .
أضف إلى ذلك أنّ ما ذكرناه من نسخة الحديث في الكافي مبنيّ على صحّة النسخة المطبوعة من الكافي ، مع أنّه توجد للكافي نسخ كثيرة فلابدّ من مراجعتها والاطمئنان من صحّة النسخة المطبوعة أوّلاً ، ثمّ نسبة الاشتباه لرواية الكافي ؛ وإلّا فقد يكون منشأ الاشتباه متأخّراً عن تأليف الكافي وفي النسخ المكتوبة فيما بعد ، لا من الشيخ الكليني قدس سرهومَن تقدّمه .
وبعبارة أُخرى : يجب الاطمئنان من سلامة نسخة الكافي التي اعتمدناها كي يمكن نسبة الاشتباه للكافي والشيخ الكليني قدس سره ، إذ مع تعدّد نسخ الكتاب واختلافها في بعض الفقرات لا يمكن نسبة الاشتباه إلى الكتاب وإلى المؤلّف ، فضلاً عن نسبته

1.الزمر : ۹ .

2.المحاسن : ج ۱ ص ۱۹۳ ح ۱۱ ، شرح نهج البلاغة : ج ۱۸ ص ۱۸۵ .

صفحه از 366