صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 346

إلى الرواة الذين رووا الخبر أو إلى الإمام المعصوم عليه السلام .
وبعد حصول الاطمئنان من صحّة نسخة الرواية تصل النوبة إلى فهمها وتفسيرها ، ولا يمكن معاملة كلّ ما وجدناه في كتب الحديث ـ مهما كانت رتبتها العلمية ـ معاملة الحديث المقطوع صدوره من المعصوم عليه السلام ، فإنّ الحديث ـ كغيره ـ مرّ بمراحل مختلفة على مدى القرون السالفة تعرّض خلالها لاُمور مختلفة ؛ منها التصحيف والاشتباه في النقل .

ل . دقة النقل وأثرها على توهّم التحريف

دقّة الراوي في نقل الحديث لها دور هامّ في دفع توهّم التحريف ، فمن جملة ما يعتمد عليه المتكلّم في بيان مراده هو الاعتماد على لحن الكلام ، أو على الفصل بين العبارات بسكتة قصيرة الذي هو بمنزلة النقطة أو الفارزة ، وهذه السكتة لا تنقل بالألفاظ ، وإنّما يمكن بيانها من خلال أُمور أُخرى ، وقد تعكس أثرها بشكل مباشر على معنى الحديث ، فمثلاً الحديث التالي المروي في الكافي وكتاب من لا يحضره الفقيه :
قالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام : الحَمَّامُ يَوْمٌ وَ يَوْمٌ لا يُكْثِرُ اللَّحْمَ .۱
يمكن قراءته هكذا : «الحَمَّامُ يَوْمٌ وَ يَوْمٌ ، لا يُكْثِرُ اللَّحْمَ» ، ويمكن قراءته بنحو آخر أيضاً وهو : «الحَمَّامُ يَوْمٌ وَيَوْمٌ لا ، يُكْثِرُ اللَّحْمَ» ، فيكون معناه مغايراً للمفهوم من القراءة الاُولى .
وهذا الأمر لا يختصّ بالحديث الشريف بل هو جارٍ في كل كلام ، بل نجده في بعض آيات الكتاب العزيز ؛ نظير الآية التالية : «ذَ لِكَ الْـكِتَـبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»۲
فإنّها قرئت بالوقف على «رَيْبَ» تارةً ، وبالوقف على «فِيهِ» أُخرى ، ويختلف

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۱۱۷ ح ۲۴۷ ، باب غسل يوم الجمعة و دخول الحمّام ؛ الكافي : ج ۶ ص ۴۹۶ ح ۲ باب الحمّام .

2.البقرة : ۲ .

صفحه از 366