صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 362

خامساً : مناهج مواجهة هذه الروايات

اختلف المحقّقون في أُسلوب مواجهتهم لهذه الروايات ـ بسبب اختلافهم في فهمها ـ إلى مناهج ثلاث ، تبنّى الأوّل منها الأخباريّون ، وتبنّى الثاني والثالث منها علماؤنا الأصوليّون ، وهي كالآتي :
1 ـ حملها على المعنى المتبادر منها في زماننا ـ وهو التحريف ـ لا على المعنى المتبادر منها في زمان صدورها بملاحظة ما يكتنفها من القرائن والمرتكزات ، وهذا ما سلكه بعض الأخباريّين كالمحدّث النوري قدس سره . وقد تبيّن من خلال عرضنا المتقدّم عدم سلامة هذا المنهج ، وأنّ هذا الفهم للحديث هو فهم خاطئ .
2 ـ حمل الروايات المذكورة على التفسير فيما لو قبلت الحمل ، وردّ الباقي . وممّن اختار هذا المنهج هو السيّد الخوئي قدس سره ، حيث قال :
إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه ، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتمّ هذا الحمل فلابدّ من طرح هذه الروايات ؛ لمخالفتها للكتاب والسنّة والأدلّة المتقدّمة على نفي التحريف . وقد دلّت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنّة ، وأنّ ما خالف الكتاب منها يجب طرحه ، وضربه على الجدار . ۱
لكن لم يذكر وجه ودليل الحمل المذكور ؛ لتسكن وتطمئنّ إليه النفس ، واستظهار أو ترجيح أحد المعاني بحاجة إلى مرجّح ، وإلّا فلا يكون مقنعاً للمخاطب حتّى لو كان صحيحاً .
3 ـ ردّ هذه الروايات بتضعيف أسانيدها ، وهذا المنهج مبنيّ على تسليم دلالة الروايات المذكورة على التحريف ، وقد تبيّن ممّا ذكرناه عدم دلالتها عليه . وممّن سلك هذا المنهج جملة من المحقّقين ، ومنهم السيّد علي الميلاني في كتابه : التحقيق

1.. البيان في تفسير القرآن : ص ۲۳۰ .

صفحه از 366