صيانة القرآن، بين الخفاء و الجلاء - صفحه 364

ولا تمتُّ إلى التحريف بصلة ، وأمّا روايات الطائفة السابعة فإنّه قد وقع فيها تصحيف أوهم التحريف ، وقد رويت في مصادر أُخرى من دون تصحيف .
كما اتّضحت جملة أُمور هي كالتالي :
1 ـ إنّ فهم الحديث فهماً صحيحاً يتوقّف على ملاحظة جملة أُمور ، منها :
أ . ملاحظة القرائن التي تحفّ الكلام من الحاليّة والمقاليّة والمرتكزات العرفيّة وغيرها ؛ لاعتماد العقلاء على مثل تلك القرائن أثناء محاوراتهم ، وقيام القرائن مقام العبارات الموضّحة والمبيّنة للمراد .
ب . إنّ طول الفاصل الزمني بين صدور الكلام وبين السامع له أثر على خفاء القرائن المكتنفة للحديث .
ج . ممّا يمكن أن يستكشف به مراد المتكلّم هو فهم أصحاب الأئمّة عليهم السلام ، والعلماء المقاربين لزمان الأئمّة عليهم السلام ؛ لقربهم من تلك القرائن والأجواء والفهم العرفي السائد آنذاك .
د . أن يكون فهم الحديث منسجماً مع الأحاديث الأُخرى ، وأنّ فهمه في معزل عن الأحاديث الأُخرى فهم خاطئ ، فإنّ الأحاديث يفسّر بعضها بعضاً .
2 ـ إنّ مصادر هذه الروايات التي اعتمد عليها الشيخ الكليني قدس سره واضحة ، وغالبها كتب تفسير ، وهذه قرينة مهمّة على أنّ المراد من هذه الروايات هو التفسير ، لأنّ هؤلاء الرواة الذين كتبوا هذه الكتب معاصرون للأئمّة عليهم السلام ، فهم يفهمون الروايات وفقاً للقرائن الحالية والمقالية والمرتكزات العرفية السائدة آنذاك .
3 ـ إنّ الشيخ الكليني قدس سره من علماء أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع ، وهو من علماء زمان الغيبة الصغرى ، فهو من المقاربين لزمان صدور الحديث ، ومن أجلّاء العلماء والمحدّثين الذين كانوا في بغداد ـ التي تعتبر أهمّ مدينة علميّة في العالم الإسلامي آنذاك ـ وكان معاصراً للنوّاب الأربعة للإمام الحجّة عليه السلام ، فلا ريب أنّ فهمه كان يبتني على القرائن السائدة آنذاك ، خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار منهجه

صفحه از 366