موقف الكليني من القول بتحريف القرآن في كتاب « الكافي» - صفحه 275

وقال : «لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِى الشَّيْطَـنُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِى شِقَاق بَعِيدٍ»۱ .
وقد تراكمت هذه الأمراض والأوهام في هذه القلوب ، حتّى عدّوا زيفهم حقيقةً وظنّوا أنّ باطلهم حقّ ، وانحرافهم موضوعية ، وهذا نابع من تمسّكهم بثقافة مسمومة قوامها الاستبداد برأيهم وتسقيط الرأي الآخر ؛ لإبعاده عن الساحة ؛ بغية زرع الفتن الطائفية من جهة ، وفتح منفذ لأعداء هذه الأُمّة للولوج منه ونفث السموم في صحّة المعتقد من جهةٍ أُخرى ، ولكن أنّى لهم هذا! وفي هذه الأُمّة الإسلامية أعلام منصفون من كلتا الطائفتين ، يتبارون في الدفاع عنها وتحرّي الحقّ والعدالة ؛ ليعطي لكلّ ذي حقٍّ حقّه ، ويضع الأُمور في مواضعها .
وبالرغم من ذلك وُجِد هناك من اتّخذ منهجا سقيما ۲ وهو يدّعي الموضوعية ، فأخذ يكيل التهم جزافا إلى علمائنا الأجلّاء ، متّخذا من القراءة السطحية للنصوص والروايات مستندا للطعن والتوهين ، فأحيانا يدلّس محرِّفا أقوال العلماء بتقطيع نصوصهم ، فيأخذ منها ما يوافق هواه تاركا ما يدحض شبهاته ، وأحيانا أُخرى يزعم ويضع عليهم أقوالاً لم يقولوا بها ألبتّة ، ولم يشيروا إليها لا تصريحا ولا تلميحا . وهذه التهم نجدهم قد وجّهوها إلى المحدّث الفقيه الشيخ الكليني صاحب كتاب الكافي ، وهو أشهر من أن نُعرِّف به .
لقد استند القائلون باتّهام الشيخ الكليني بالقول بتحريف النصّ القرآني على أُسس ثلاثة :
1 ـ إنّه روى روايات تنصّ على معنى التحريف والنقصان في القرآن الكريم .
2 ـ إنّه لم يتعرّض لهذه الروايات بالنقد لا سندا ولا متنا ، وهذا يدعو إلى القول بأنّ

1.الحجّ : ۵۳ .

2.من هذه الكتب كتاب منبع الحياة لنعمة اللّه الجزائري ، و فصل الخطاب للشيخ النوري ، وأُصول مذهب الشيعة للقفاري ، وقد ردّ عليه وفنّد ادّعاءاته الدكتور فتح اللّه المحمّدي في كتابه سلامة القرآن من التحريف .

صفحه از 296