موقف الكليني من القول بتحريف القرآن في كتاب « الكافي» - صفحه 277

إشارة صريحة إلى أنّه يقول بصحّة كلّ ما يرويه ، بل على خلاف ذلك نراه في مقدّمة كتابه يقول :
يا أخي ـ أرشدك اللّه ـ أنّه لا يسع أحدا تمييز شيء ممّا اختلفت الرواية فيه عن العلماء برأيه ، إلّا على ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله : اعرضوها على كتاب اللّه ، فما وافق كتاب اللّه عز و جل فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فردّوه۱.
نلمح من مقالته هذه أنّه يقرّ أن ليس بوسعه ولا غيره تمييز الصحيح من غيره إذا اختلفت رواياته عن أهل البيت عليهم السلام ، إلّا بعرضه على كتاب اللّه ، فما وافقه يعدّ صحيحا ، وما خالفه يعدّ مردودا . فهو لم يضع شرطا لصحّة رواياته غير مقال الإمام عليه السلام ، ولم يقطع بصحّتها ، إلّا على هذا الشرط ، لذا نراه يروي روايات عن أهل البيت عليهم السلام في هذا المعنى ، ومن ذلك ما رواه عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :
قال رسول اللّه عليه السلام : إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فدعوه۲.
إنّ رواياته هذه دليل على القول بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم ، وذلك من جهتين :
الاُولى : إنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعا به ؛ لأنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل ، ولا موضع للشكّ في نفس المقياس .
إذن لو عُرضت روايات التحريف على نفس ما قيل بسقوطه لتكون موافقة له ، فهذا عرض على المقياس المشكوك فيه ، وهو دور باطل ، وإن عُرضت على غيره فهي تخالفه . . . .
الجهة الثانية : إنّ العرض لابدّ أن يكون على هذا الموجود المتواتر لدى عامّة المسلمين ؛ لما ذكرناه في الجهة الاُولى من أنّ المقياس لابدّ من أن يكون مقطوعا به . . . ولا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه غير هذا المتواتر الذي بين

1.الكافي ( المقدّمة ) للكليني : ج ۱ ص ۸ .

2.المصدر السابق : ص ۶۹ .

صفحه از 296