أيدينا وأيدي الناس ، وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق، فقد ثبت وجوب عرض الأخبار على هذا الكتاب ، وأخبار النقيصة إذا عُرضت عليه كانت مخالفة له ۱ .
وإذا قلنا بأنّ نقل الروايات تنمّ عن معتقد ناقلها ، فإنّنا سنجزم بأنّ الكليني من القائلين باستحالة وقوع التحريف في القرآن الكريم .
ومن جهة أُخرى نراه يقول معتذرا :
وقد يسّر اللّه ـ وله الحمد ـ تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخّيت ، فمهما كان فيه من تقصير فلم نقصر نيّتنا في إهداء النصيحة ؛ إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملّتنا ۲ .
ويُفهم من كلامه هذا أنّه اجتهد ما وسعه الاجتهاد في جمع الأحاديث بمختلف أسانيدها ، وترك الأمر للمتحرّي أن يعرض هذه الأحاديث على كتاب اللّه ، ليكون فيصلاً في تمييز الصحيح من المردود .
وممّا يشفع للكليني أنّه لم يسمّ كتابه صحيحا كما سمّى جامع البخاري ومسلم ، ولم يذهب إلى ما ذهب إليه البخاري بأنّه لم يخرّج في هذا الكتاب إلّا ما صحّ عنده ۳ على حين أنّه روى روايات ضعيفة ۴ ، ولم يقل أحد من علماء الشيعة إنّه : « لا يخرّج إلّا عن الثقة من مثله في جميع الطبقات » ۵ ، مع أنّه يروي عن ليث بن مسلم وغيره من الضعفاء ۶ . وكذلك لم يقل فيه أحد كما قال الشافعي في حقّ الموطّأ : « أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه الموطّأ » ۷ .
1.صيانة القرآن من التحريف : ص ۵۰ ـ ۵۱ .
2.الكافي ( المقدّمة ) : ج ۱ ص ۷ .
3.انظر : فتح الباري على صحيح البخاري : ج ۱ ص ۷ .
4.انظر : عمدة القاري : ج ۱ ص ۶ ؛ صحيح البخاري : ج ۲ ص ۲۱۰ .
5.تدريب الراوي : ص ۲۵ .
6.انظر : صحيح البخاري : ج ۲ ص ۱۴۹ .
7.الموطّأ ( رواية محمّد بن الحسن ) : ج ۱ ص ۳۰ .