موقف الكليني من القول بتحريف القرآن في كتاب « الكافي» - صفحه 279

ولو سلّمنا جدلاً مع القائلين بأنّ الكليني يثقّ بكلّ ما رواه ـ مع ما ذكرنا من أدلّة على بطلان هذه الدعوى ـ على افتراض أنّه روى روايات فيها معنى التحريف والنقيصة ، فالأولى بنا أن نأخذ أصحاب الصحاح بهذه التهمة ؛ لأنّهم صرّحوا بأنّ كلّ ما رووه صحيحا على وفق شروطهم التي اشترطوها ، وهم قد رووا كثيرا من الأحاديث الضعيفة التي تقول بوجود تحريف في النصّ القرآني . وسنذكر باختصار أمثلة منها؛ تجنّبا للإطالة ، ولأنّ الباحثين قد أسهبوا بحصر هذه الروايات ۱ .
فمن القول بالزيادة ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عبّاس أنّه قرأ : «وَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَ لَا نَبِىٍّ ـ ولا محدّث ـ إِلَا إِذَا تَمَنَّى»۲ ، بزيادة « ولا محدّث » .
ومن النقصان ما في الإتقان بسنده عن ابن مسعود أنّه قرأ : « والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والاُنثى » بحذف « وما خلق » ۳ .
ومن التبديل في الألفاظ ما في مسند أحمد وصحيح الترمذي والمستدرك عن ابن مسعود أنّه قال : « أقرأني رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين » ۴ .
فلو جاز أن تُكال التهم للكليني بالقول بالتحريف ، لكان من باب أولى أن يقال هذا في أصحاب الصحاح ؛ لأنّهم ألزموا أنفسهم برواية كلّ حديث صحيح ، ولكن لم يقل أحد من علماء الشيعة أو السنّة بذلك ، فلِمَ هذا الكيل بمكيالين ؟ ! على حين أن الكليني لم يصرّح بوقوع التحريف ، كما لم يصرّح أحد من علماء الشيعة .

المبحث الثاني : قراءة استدلالية لمصاديق المقدّمة الثانية

إنّ هذه المقدّمة قوامها الروايات والأحاديث التي رواها الكليني ، والتي ادّعى

1.انظر : سلامة القرآن من التحريف ، الفصل الثالث : ص ۱۰۰ وما بعدها .

2.الحجّ : من الآية ۵۲ .

3.الإتقان : ج ۱ ص ۸۰ .

4.مسند أحمد : ج ۱ ص ۳۹۴ ، صحيح الترمذي : ج ۵ ص ۱۹۱ .

صفحه از 296