موقف الكليني من القول بتحريف القرآن في كتاب « الكافي» - صفحه 290

إنّ هذه الأخبار التي جاءت بذلك ، أخبار آحاد ، لا يُقطع على اللّه تعالى بصحّتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر على ما أُمرنا به حسبما بيّناه ، مع أنّه لا ينكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين ، أحدهما ما تضمّنه المصحف ، والآخر ما جاء به الخبر ، كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوهٍ شتّى . . . ۱
.
وهنا يسقط الاستدلال بهذه الأحاديث على وجود تحريف ؛ أوّلاً كون طريقها آحاد ، وإن كانت موافقة لبعض القراءات المعتبرة أو الشاذّة ، ومعلوم أن لا حجّية فيها ؛ لأنّ ثبوت القرآن لا يكون إلّا بالتواتر لا بالآحاد ، وأنّ اختلاف القراءة ليس دليلاً على الاختلاف في نصّ الوحي ، فالقراءة شيء والقرآن شيء آخر ، فلا يقوم هذا دليل على القول بالتحريف ۲ .

المبحث الثالث : قراءة استدلالية في مصاديق المقدّمة الثالثة

وهذه المقدّمة تقول بعدم وجود معارض لتلك الروايات بحيث يترجّح عليها حسب نظر صاحب الكتاب ، وثبوت هذه المقدّمة في كتابٍ ما دليل على قوله واعتقاده بما رواه ـ على افتراض أنّ ما رواه هو ممّا يشتمل على معنى التحريف بالمعنى المتنازع فيه ـ ، ولكنّ الباحث المتفحّص يجد في كتاب الكافي روايات معارضة للمعنى المزعوم في هذه الروايات ، وهي « أكثر عددا وأقوى متنا ، ووردت تحت عناوين أكثر وضوحا حول القرآن من تلك » ۳ .
الروايات التي زعموا أنّها تفصح عن وجود التحريف ، وهذا ما نجده في أكثر من باب في الكافي ، منه باب « فضل حامل القرآن » ، وباب « مَن يتعلّم القرآن بمشقّة » ، وباب « قراءة القرآن في المصحف » ، وباب « البيوت التي يُقرأ فيها القرآن » ، وغيرها

1.المسائل السروية ، المسألة التاسعة : ص ۷۸ .

2.انظر : سلامة القرآن من التحريف : ص ۷۲ .

3.المصدر السابق : ص ۲۸۲ .

صفحه از 296