القرآن الكريم كما تصوّره روايات أُصول الكافي - صفحه 270

فالقرآن حينئذٍ كلّ شيء في حياته ؛ يسمع به ويبصر به وينطق به .
ومع كلّ ما سبق نجد أنّ المرحوم الكليني قدس سره يعطي القرآن في كتابه أعظم المقام، ويجلّه أكبر الإجلال، ويدفع الأجيال ـ وخصوصاً أتباع مدرسة أهل البيت ـ لبناء أنفسهم وفقه وتصحيح كلّ تصوّراتهم بمعياره، والتفاعل معه كلّ التفاعل .
ومع هذا لا يبقى مجال للاستماع إلى تهمة موجّهة إليه قدس سره من أنّه شكّك في حجّيته ، أو آمن بتحريفه ، وبالتالي خرج على الإجماع الإسلامي بسلامته من التحريف، وإنّه ذكر إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإنّ اللّه تعالى هو الّذي نزّله وهو الّذي تكفّل بحفظه ، فإنّ كلّ هذه النسب لا يبقى لها مجال .
ولكن لنتعرّض إليها عرضاً ونقول الحقّ دفاعاً عن هذا العالم النحرير والمحدّث الجليل .

الشيخ الكليني والتحريف

تعدّ نسبة القول بالتحريف لشيخنا الكليني من أخطر التهم الموجّهة إليه . وهذا الخطأ ارتكبه المرحوم الفيض الكاشاني، حيث قال :
فالظاهر من ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ـ طاب ثراه ـ أنّه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ۱ .
الأمر الّذي أدّى إلى نتيجة أكثر خطراً، وهي (التكفير)، حيث استند الشيخ محمّد أبو زهره إلى هذه النسبة، وأقدم على تكفيره قائلاً :
ومن الغريب أنّ الّذي ادّعى هذه الدعاوي الكليني، وهو حجّة في الرواية عندهم ، وكيف تُقبل رواية من يكون على هذا الضلال ، بل على هذا الكفر المبين ۲ .
والحقيقة هي أنّ المرحوم الكليني لم يصرّح بذلك أبداً ، ونقله لبعض الروايات

1.تفسير الصافي : ج ص ۴۷ .

2.الإمام زيد : ص ۳۵۱ .

صفحه از 272