نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 246

ومنذ القدم انقسم المفكّرون إلى أصحاب النزعة التوكيدية الذاهبين إلى أنّ العقل يمكن أن يوصل إلى اليقين ، وأصحاب النزعة الشكلية الذين يشكّون في إمكان تحصيل الحقيقة العلمية ، وقد حوّل المتأخّرون الشكّ إلى منهج ، وهو (خطوة على طريق البحث عن المعرفة الصحيحة) .
وانقسموا من حيثية ثانية إلى أربعة شرائح : العقليّون الذاهبون إلى أنّ العقل يستقلّ بالإدراك دون مقدّمات تجريبية ، وتجريبيون ذاهبون إلى أنّ الخبرة الحسّية هي مصدر المعرفة ، وحدسيون قائلون بوجود ملكة أُخرى للمعرفة (التجربة الوجدانية) سمّوها الحدس (noitiutni) ، وبرجماتيون (msitamgarp) يذهبون إلى أنّ صحّة الفكر تعتمد على ما يؤدّي إليه من نتائج عملية ناجحة .
ممّا تقدّم يتبيّن أنّنا نريد أن نحدّد ملامح نظرية المعرفة بالاستناد إلى مرجعية معيارية مخزونة في كتاب الكافي لثقة الإسلام الكليني ، التي تنقل الرواية عن آل البيت عليهم السلام ، ليصحّ القول إنّها نظرية المعرفة عند الإمامية .

المبحث الأوّل : قيمة العقل في مرويات «الكافي»

إذا كان البخاري قد افتتح جامعه بحديث : «إنّما الأعمال بالنيّات» ، فإنّ الكليني ابتدأ كتابه بحديث (خلق العقل) ، فقد روى عن الباقر عليهم السلام إنّ العقل هو المخاطب بالتكاليف، وعليه المدار في الجزاء، وجاء فيه :
أمَا إنّي إيّاك آمر وإيّاك أنهى، وإياك أُعاقب وإياك أُثيب ۱
.
وعن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الإمام الباقر عليهم السلام ، قال :
إنّما يُداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا۲.

1.أُصول الكافي : ج ۱ ص ۵ ح ۱ .

2.المصدر السابق : ح ۷ .

صفحه از 261