بسندٍ ينتهي إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهكذا صعداً إلى المهدي فالسفراء الأربعة، إلى أن وصل إلى أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، محيي طريقة أهل البيت عليهم السلام على رأس المئة الثالثة ، ويقصد الرابعة في مؤلّفه الكافي ، وقيل إنّه عُرض على الحجّة (عج) ، فقال : «كافٍ لشيعتنا» .
وإنّ من طريقته وضع الأحاديث المخرّجة على أبواب على الترتيب بحسب الصحّة والوضوح... ووقع في الأواخر ما كان مجملاً ۱ سمّاه باب النوادر .
وإذا كنّا قد أرجأنا الحديث عن مجريات الأحداث وملابساتها في القرن الثالث الهجري (زمن الغيبة الصغرى) إلى الصفحات اللّاحقة ، ووقفنا هنا عند النشاط الحديثي في القرن الرابع الهجري (الزمن المشترك بين الشيخين، الكليني والصدوق) ، يلفت نظرنا ذلك الجهد الكثيف لوفرة ما تيسّر له من الرواة واجتمع له من الكتب ، فما أخرجه الكليني من الأحاديث في الكافي وما تبعه به الآخرون ، دليل على إثرائها .
في الوقت الذي انبرى فيه جماعة من الإمامية لنقد الحديث، قام به رجال مثل أبي عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي، ومحمّد بن أحمد بن داوود القمّي، وأحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة ، وغيرهم ممّن نوّهوا بالمذمومين من الرواة والممدوحين ، ۲ لقد شهد العصر البويهي ـ مقابل سدّ باب الاجتهاد عند أهل السنّة ـ نشاطاً ملحوظاً، بفضل فتح بعض فقهاء الإمامية هذا الباب، مستغلّين وفاة السفير الرابع ودخول الاثنا عشرية عصر الغيبة الكبرى، بعد عام (329 ه ) وصل حدّ المبالغة في المراسيم الشيعية باختراع الجديد منها . ۳ لكنّ الواضح على خارطة الفكر الاثنا
1.دائرة المعارف : ج ۳ ص ۶۷.
2.أدب المرتضى لمحيي الدين عبد الرزّاق : ص ۳۵ ـ ۳۴.
3.الفكر السلفي لعلي حسين الجابري : ص ۲۳۸، وانظر : الكشكول للبحراني : ج ۱ ص ۲۷۰ ، والفكر الشيعي لكامل مصطفى الشيبي : ص ۴۴.