الرابع الهجري (301 ـ 309هـ /913 ـ 921م) أطول محاكمة في تاريخ الدولة الإسلامية ، انتهت بإعدام الحلّاج بالطريقة المعروفة، التي حملت عنوان مأساة الحلّاج، ۱ لأسباب سياسية تحت ذرائع دينية.
وفلسفياً يمكن ملاحظة الأنشطة المكثّفة لإقامة مجتمع (فلسفي ـ روحي) ينأى بالناس فوق أخطاء السياسة وغلواء المتطرّفين والمتعسّفين من شتّى الأسماء المعروفة. وإذا كانت ممهّدات الغيبة الصغرى وتداعياتها في بيت الحكمة قد بسطتها يراع الكندي (ت 252 هـ ) وصولاً إلى أبي بكر محمّد بن زكريا الرازي (ت 320ه ) والفارابي، لكنّ البحث الكلامي عند الإمامية (الجعفرية ـ الاثنا عشرية) حافظ على التزامه بخطّ الأئمّة عليهم السلام السلفي إلّا ما ندر .
ويبقى الحدث الأكبر الذي قلب الحسابات جميعاً مع بداية الغيبة الكبرى هو انتهاء العصر التركي وبدء حقبة جديدة من السياسة جاءت لصالح الفكر الاثنا عشري، الذي سبق ونافح الكليني عنه وبقية الرهط المحافظ من رجال الاثنا عشرية ، ولاسيّما في قمّ المقدّسة ، لتقود سلسلة المتغيّرات في ظلّ تمكّن آل بويه من زمام الأُمور في المشرق وبغداد ، كناتج تاريخي لما حقّقته دولة طبرستان العلوية التي بقي تأثيرها في بلاد الديلم والجيل حتّى منتصف القرن الرابع الهجري ، إلى جانب دورها في قيام الدولة الزيدية في اليمن والدولة الفاطمية والمهدية في الشمال الأفريقي ، وصولاً إلى القاهرة وقيام الجامع الأزهر ، كما نوّهنا بذلك في السطور السالفة.
جميع هذه المتغيّرات في مشرق الدولة الإسلامية ومغربها وجنوبها، هي ثمرة لجهود الثوّار الذين غادروا العراق ۲ باتّجاه الشرق ، والتي توّجت بعيد وفاة الكليني
1.مأساة الحلّاج في منظور الباحثين البغداديين لعلي حسين الجابري : ص ۱۳ وما تلاها.
2.دراسات في الفلسفة والدين والحياة (مخطوط) ، الفصل الثاني: دولة علوية في طبرستان أم دولة عربية إسلامية : ص ۲۰ وماتلاها، بجميع المصادر الأساسية، مثل ابن هلال الصابي، المنتزع من كتاب التاجي: ص ۶۸ ومابعدها ، الدولة العلوية في طبرستان لمهدي البستاني (مخطوط) رسالة ماجستير ـ كلّية الآداب : ص ۲۸ ومابعدها.