عام 329هـ/940م ببدء العهد البويهي.
لقد وجد الخضري أنّ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية قد تنفّسوا الصعداء مع المرحلة الجديدة للمرّة الاُولى بعد سلسلة من الظروف القاسية التي عاشوها ، ولاسيّما في العراق والتي يعرفها الجميع ، وقبيل بلوغ هذه المرحلة كان الكليني واحداً من أبرز الرجال الذين خدموا هذا الفكر ، ولاسيّما من خلال علاقته بالسفراء الأربعة الذين لم يكونوا بعيدين عن روح التململ الاثنا عشري انتظاراً للظرف الجديد، على الصعد الكلامية والفلسفية. ۱
لقد أتاح الجوّ السياسي في هذه المرحلة (بين عصري الكليني والصدوق) نوع من الحرّية للاثنا عشرية ، تحدّث عنها أكثر من مفكّر ۲ بعد أن لوحظ تشجيع البويهي للشعراء الذين وجدوا الفرصة مناسبة لإطلاق العنان لعواطفهم الدينية، بعد قرون من الكبت والاضطهاد والمطاردة والحجر على العقيدة. ۳ إنّ جملة المتغيّرات ـ بعد الغيبة الصغرى ـ قد تمخّض عنها سلسلة من الحقائق العلمية والكلامية ، من بينها:
1 ـ ازدهار البحث العلمي، ووضوح الموقف الإمامي، بفضل تمايز العلوم والفنون وعدم التداخل بين مسائلها ووضوح المذاهب الإسلامية، بما كتب في أُصول العقائد فيها . ۴
2 ـ تخطّى المجتمع البغدادي خطر الانفجار و(الحرب الطائفية) أو الانهيار، من جراء الوضع الجديد على قاعدة من القناعة بتداولية الحكم العبّاسي بين الطائفتين، يقول الدكتور عبد الرزّاق محي الدين : فليرض أهل السنّة بتنفّس الإمامية الصعداء مادام ذلك يبقي لهم مذاهبهم ومراكزهم في الفتيا والقضاء، وليقنع الإمامية الاثنا
1.الفكر السلفي لعلي حسين الجابري : ص ۲۳۷ ـ ۲۳۶.
2.الكشكول للبحراني : ج ۱ ص ۲۷۰، والأمالي للشريف المرتضى : ص ۱۴ ومابعدها.
3.روضات الجنّات للخوانساري : ص ۵۳۵ ـ ۵۳۴ .
4.أدب المرتضى لعبد الرزّاق محيي الدين : ص ۳۲ ـ ۱۹.