عشرية بهذا المكسب الناقص عن بلوغ دعوتهم، فإنه خير لهم على كلّ حال من العصور السابقة . ۱
وإن لم يدم مثل هذا التوافق سوى ربع قرن على الحقبة البويهية، ولاسيما في السنة 349هـ، مهّدت ـ بعد قرن من الزمن ـ لبدء الدور السلجوقي التركي في بغداد ۲ ، لسنا في معرض الإفاضة عن حوادثه ومجرياته ، لكنّنا سنتأمّل فلسفياً وكلامياً أدوار كلّ من الكليني في الحقبة الاُولى، والصدوق ومدرسة قمّ في الحقبة الثانية ؛ لكي نخرج من دائرة العموم إلى خصوص البحث، ولكي تكتمل إحداثيات خارطة الفكر الاثنا عشري زماناً ومكاناً ومدارس وشخصيات وحوادث وأحداث، وهو أمر يدخل في غاية الباحث وطبيعة المناسبة التي نحتفي من خلالها بالشيخ الكليني ومنهجه الكلامي ومنظوره الفكري على سبيل التكامل.
ثالثاً : الدور الفكري للكليني في زمن السفراء الأربعة .
دأب السفراء الأربعة ـ على التوالي ـ تنظيم علاقة العلماء الأعلام من الاثنا عشرية بالإمام المستتر (عج) لأسباب قاهرة ، حيث غلب منطق التمسّك بالأثر، بعدّةٍ منجاة من كلّ خلل ، ودليل استقامة في العقيدة، والوثوق بموارد الحقيقة الشرعية إن كان على الصعيد الكلامي أو الفقهي ـ العملي ، هكذا استقام الحال في بغداد وسامراء والكوفة منذ عام (260 ـ 329 هـ / 873 ـ 940م) ، وفي مثل هذه الأجواء نشأ الكليني واستقام عوده وتكاملت ثقافته وتصوّراته وقناعاته ، ليخرج على الطالبين بـ :
أ ـ كلام يستظّل بظلّ النصّ والحديث النبويّ الشريف والخبر المعصومي الموثوق.
1.المصدر السابق : ص ۱۱۷.
2.تاريخ بغداد : ج ۱۰۹ ص ۱۱۱، المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم لابن الجوزي : ج ۸ ص ۱۵۰ ـ ۱۴۹، البداية والنهاية لابن كثير : ج۱۲ ص ۹۷، الكشكول للبحراني : ج۱ ص ۲۷۵ـ۲۷۲، لمحات اجتماعية لعلي الوردي : ج ۱ ص ۱۲.