طبرستان من أثر ، التي كان طابعها الظاهري زيدي، مع آل الحسن الفارّين إلى هناك، بعد فشل ثورة الكوفة عام 250هـ /864م ؛ خوفاً من بطش صاحب شرطة بغداد البساسيري، الذي شتّت جموع الثوّار عند واسط ، فلم يجدوا أمامهم من ملاذ غير بلاد الجيل والديلم ، ليقيموا دولتهم هناك عام 271هـ/884م ومابعدها، والتي امتدّ أثرها إلى اليمن والشمال الأفريقي، وصولاً إلى عهد الناصر الكبير في (301 ـ 304هـ /913 ـ 916م) الذي حكم الدولة العلوية ۱ هناك بعد كلّ من الحسن بن زيد ومحمّد بن زيد، وصولاً إلى الحسن بن القاسم (ت 316هـ ) والذي انتهت سيادة هذه الدولة بمقتله ، وتراجع النشاط الشيعي في هذه الربوع.
ولعلّ الكليني قد زامن أحداث بغداد التي توّجت عام (309هـ /921م) بإعدام الحلّاج لذرائع عقيدية لا تخلو من دوافع سياسية تتعلّق بإسماعيلية الحلّاج!
نقول هذا من غير أن نهمل البراءة التي أعلنها ابن الهمّام في بغداد عام 312هـ/924م على لسان السفير الرابع الحسين بن روح مع تكفير الصمغاني، قارنا إلحاده بما أُشيع عن الحلّاج من عقائد تتقاطع مع العقيدة الإمامية ۲ ـ الاثناعشرية. عضّد ذلك الموقف (التحوّطي) للاثنا عشرية، في مثل ظروف بغداد تحت ظلّ السيطرة الأشعرية، ماكتبه الشيخ المفيد (ت 413 ه ) من رسالة في الردّ على أصحاب الحلّاج ۳ ، وذلك في عام (393هـ/1003م) بما يلفت نظرنا عن سبب طرد القمّيين للحلّاج حين زار المدينة بتأثير ابن بابويه القمّي الذي كان وثيق الصلة ببغداد وسامراء ، أي مع الكليني وسفراء المهدي (عج) ، وقام بضرب الحلّاج في قمّ ومنعه من الترويج لخزعبلاته، بعد أن قدّم نفسه لأهل قمّ باعتباره وكيل صاحب الزمان (عج) ، كذلك أخفق في استمالة كبير الإمامية الاثنا عشرية أبا سهل إسماعيل بن
1.الدولة العلوية في طبرستان : ص ۳۳.
2.مأساة الحلّاج لعلي حسين الجابري : ص ۱۵.
3.نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد لمارتن مكدريوث، ترجمة علي هاشم : ص ۶۵.