الشيخ الطوسي (ت 460 هـ / 1067 ه) الذي اكتملت بكتابيه، التهذيب والاستبصار الكتب الأربعة للاثني عشرية في الأخبار المعصومية.
إنّ سلفية الصدوق ـ التي هي حلقة في سلسلة ـ الفكر الاثني عشري، كشفت عن نفسها في التمسّك بالظاهر من النصوص ممّا لا يستبعد معه بحث هذا المفكّر لإشكالية الآيات التي تتحدّث في ظاهرها عن صغائر. نعم، فالصدوق يقول بجواز الصغيرة على الأنبياء، في ضوء تأويل ظاهر القرآن، وبخاصّة مايتعلّق منها بعصمة آدم عليه السلام التي كانت (صغيرته) في الجنّة، قبل النبوّة على الأرض، قائلاً :
وكان ذلك من آدم قبل النبوّة، ولم يكن ذلك بذنبٍ كبير يستحقّ به دخول النار، وإنّما كان من الصغائر الموهوبه التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلمّا اجتباه اللّه وجعله نبيّاً كان معصوماً، لا بذنب صغيرة ولا كبيرة 1 .
وليس ذلك بجديد على الفكر الاثني عشري المحافظ، فلقد تحدّث قبل الصدوق الكليني، لكنّ الصدوق حاول في هذا المبحث الاعتماد على أخبار الرضا عليه السلام لصرف الكثير من الآيات عن ظاهرها الذي يدلّ على وقوع (معصية صغيرة) إلى حيث التنزيه، الذي يمرّ من النبوّة إلى الولاية نقول : إنّ موقف الصدوق هذا وقبله إشارة الكليني حول النظر إلى ظاهر الآيات المخصوصة بهذا الموضوع، لم يمرّ دون نقد من قبل الاتّجاه الاجتهادي (العقلي) تحت دعاوى أنّ الصدوق قد عوّل على أخبار آحاد أو أخبار غير موثوقة 2 ، بخلاف ما دأب عليه سلفية الاثني عشرية من الوثوق بما ورد في كتاب من لا يحضره الفقيه 3 فالصدوق من قدماء الأخبارية علماً ومنهجاً، كما كان الكليني من قبل 4 ، ما دام مصدره يعود إلى النبوّة . «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ
1.عيون أخبار الرضا للصدوق : ص ۱۰۹.
2.الفكر السلفي : ص ۲۴۸.
3.عيون أخبار الرضا : ص ۱۰۸ و ۱۱۲ و ۱۱۳، وانظر : كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۲۳۴، وعلل الشرائع (المقدّمة) لبحر العلوم : ص ۳۳ ـ ۳۲، والكشكول ج ۱ ص ۳۲۸ ـ ۳۲۷.
4.الفكر السلفي : ص ۲۴۹.