عِدّاتُ الكليني و مشايخه - صفحه 137

كتب الرجال إشعاراً بعدم الاعتماد عليهم ، وليس بشيء ، فإنّ الأسباب في مثله كثيرة ، وأظهرها أنّه لا تصنيف لهم ، وأكثر الكتب المصنّفة في الرجال لمتقدّمي الأصحاب ، اقتصروا فيها على ذكر المصنفّين ، وبيان الطرق إلى رواية كتبهم ، ومن الشواهد على ما قلناه ، أنّك تراهم في كتب الرجال يذكرون عن جمع من الأعيان أنّهم كانوا يروون عن الضعفاء ، وذلك على سبيل الإنكار عليهم ، وإن كانوا لا يعدّونه طعناً فيهم ، فلو لم تكن الرواية عن الضعفاء من خصوصيات من ذكرت عنه ، لم يكن للإنكار وجه ... إلخ . ۱

كلام مع صاحب المعالم

ولا يخفى عليك ما فيه ؛ لأنّه إن كان المقصود إثبات عدالتهم بذلك، ففيه : إنّ مجرّد الاستبعاد من اتّخاذ هؤلاء الأجلّاء ـ الرجل المجهول أو الضعيف ـ شيخاً لا يجعله معلوم الحال ولا يثبت عدالته ووثاقته، فلا يجوز لنا الحكم بصحّة الرواية من طريقه ما لم يحرز عدله بالبيّنة أو العلم . نعم ، إن علمنا أنّ من دأبه عدم الرواية إلّا من الثقة أو تعهّد نفسه بذلك ، فلا إشكال حينئذٍ من ثبوت العدالة بمجرّد نقله عنه ، كما صرّح بذلك في محكي كلام الرواشح ، حيث قال:
رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه ، تعديل أم لا؟ قال في شرح العضدي : إنّ فيه مذاهب ، أوّلها : تعديل ؛ إذ الظاهر أنّه لا يروي إلّا عن عدل . الثاني : ليس بتعديل ؛ إذ كثيرا نرى من يروي ولا يذكر ممّن يروي . وثالثها ـ وهو المختار ـ : إنّه إن علم من عادته أنّه لا يروي إلّا عن عدل فهو تعديل ، وإلّا فلا ۲ .
انتهى ما أردناه .
ولكن لم يتحقّق هذا المعنى في حقّ المشايخ الثلاثة ، وإن كان المراد أنّ حديثه معتبر وإن لم يكن عادلاً ، وأنّه صادق القول محلّ الاطمئنان والوثوق من جهة نقله،

1.منتقى الجمّان : ج ۱ ص ۴۰ الفائدة التاسعة .

2.الرواشح السماوية : ص ۱۷۰ ، الراشحة الثالثة والثلاثون .

صفحه از 193