عِدّاتُ الكليني و مشايخه - صفحه 138

ففيه أيضاً أنّه لا يكون دليلاً عليه؛ لإمكان أن يكون قبول الرواية بواسطة القرائن الموجودة عندهم المختفية علينا ، وإكثار الرواية عنه وإن كان يوجب الظنّ بذلك ، ولكن أوّلاً يحصل معه الاطمئنان غالباً، (والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً) .
ثمّ إنّا لا نتوهّم أنّ عدم التعرّض لأحوالهم مشعر بعدم الاعتماد عليهم ، بل السبب في ذلك أنّهم لا يعرفونهم ، وإلّا إن كان حالهم معلوماً عندهم بالضعف أو الوثوق لذكروهم كما ذكروا غيرهم ، ولا موجب لعدم التعرّض لذكرهم . وتوهّم كون ذلك من جهة أنّهم غير مصنّفين وأنّ أكثر الكتب المصنّفة في الرجال اقتُصر فيها على ذكر أصحاب الكتب، مدفوع بأنّ بعض الكتب وُضِع لذكر أحوال الرجال من غير النظر إلى أنّهم أصحاب تصنيف أم لا ، كرجال شيخ الطائفة رحمه الله ۱
وأبوالعبّاس ، ۲ وإن كان كثيرا ما يذكر المصنّفين ، ولكن ربما يتعرّض لشرح حال غيرهم من الرواة، فلو كانوا معروفين عندهم لضبطوا حالهم كما ضبطوا غيرهم .
وأمّا ما ذكره شاهداً ، ففيه أوّلاً : إنّ إنكار الرجاليين على بعض الأعيان ۳ لا يوجب اختصاصهم بالرواية عن الضعيف ؛ لأنّهم ليسوا في مقام الحصر . وثانياً : إنّهم أنكروا على من كان يروي عن الضعفاء ، لا من يروي عمّن هو مجهول ۴ عندهم ، إذ لعلّه كان من العدول عنده.
وهاهنا كلام للمحقّق البهائي نقله في التنقيح ، قال فيه: قال الشيخ البهائي رحمه اللهفي محكيّ مشرق الشمسين :
قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدحٍ ولا قدح، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدّمين قدّس اللّه أرواحهم قد اعتنوا

1.ولكنّه غير مبنيّ على ذكر أحوال أصحاب الأئمّة ، ثمّ فقد ترك ذكر أحوال أجلّاء الأصحاب وأعلامهم ، بل هو مبنيّ على مجرّد عدّهم ، فلاحظ.

2.النجاشي ، كتاب النجاشي مبنيّ على ذكر المصنّفين مع شرح حالهم ، فقد ترك ذكر أجلّاء الطائفة ؛ لعدم وقوفه على مصنّف له ، فلاحظ.

3.لا يصحّ الإنكار عليهم إلّا إذا عرفوا بأنّهم لا يردّون عن الضعاف ، فلاحظ.

4.قد طعنوا في بعض الأجلّة بإكثاره الرواية عن المجاهيل والمراسيل (للناظر).

صفحه از 193