عِدّاتُ الكليني و مشايخه - صفحه 162

هذا حال الرجل كما ترى أنّه ثقة صحيح الحديث، ولكنّ الذى يوجب التردّد في الحكم بذلك ابتداءً هو ما ذكره النجاشي في حقّه من أنّه يقول بالجبر والتشبيه ، ولهذا توقّف العلّامة في حديثه، ولكن التأمّل القليل في حاله ترفع هذه الشبهة؛ لأنّ الجبر والتشبيه ليسا بظاهرهما مراداً حتماً ؛ لأنّ الاعتقاد بذلك يستلزم الخروج عن المذهب بل عن الدين ، لا عن العدالة والوثاقة .
فكيف يصرّح النجاشي الذي هو أضبط الجماعة بوثاقته مع أنّه جبري قائل بالتشبيه ؛ لأنّ القول بالجبر بمعنى مجبورية العباد في أفعالهم وأعمالهم، وأنّ كلّ ما يفعلونه هو فعل اللّه ومخلوقه ـ كما هو معتقد الأشاعرة ـ من أجلى المميّزات بين الشيعة وأهل السنّة ، وهو الذي يصرّ الأئمّة عليهم السلام على إبطاله بقولهم : لا جبر ولا تفويض ، بل أمرٌ بين الأمرين . ويعبّرون عن معتقديه بمجوسي هذه الأُمّة ، وكذا الاعتقاد بأنّه شبيه بالمخلوقات ضلالة محضة ، وبُعد عن مذهب أهل الحقّ ، فاللازم على هذا تأويل كلامه بما لا ينافي توثيقه ، مضافا إلى أنّه لم يجيء في كلام غيره من العظام أنّه قائل بالجبر والتشبيه .
وكيف يشتبه هذا على الكليني الذي روى عنه كثيراً، بل يقال إنّه أُستاذه مع غاية رعايته ودقّته في ضبط الأحاديث، ولو علم منه ذلك لنبّه عليه حتماً ، مضافاً إلى أنّه أحد الأبواب الذي صرّح القائم عجّل اللّه تعالى فرجه بوثاقته ، كما رأيت في التوقيع الخاصّ، فإن تمّ سنده لا نحتاج إلى شيء بعده .
فالحقّ أنّه ثقة صحيح الحديث ، تُقبل روايته ، فلا وجه لتوقّف العلّامة في حديثه أصلاً، اللّهمّ إلّا أن يقال : لم يثبت عنده كون الرجل هو محمّد بن جعفر الأسدي، وهو غريب جدّاً ، كما قال في التنقيح على ما مرّ . ۱

1.راجع المصدر السابق .

صفحه از 193