عِدّاتُ الكليني و مشايخه - صفحه 173

والظاهر من عدّه في القسم الثاني أنّه تارك لحديث أبي العبّاس ، أو متوقّف في قبوله لما قاله في أوّل الكتاب ، واعترض عليه صاحب التنقيح بأنّه لا معنى لعدّه في القسم الثاني بعد توثيقهم له ، ونقل اعتراض صاحب النقد عليه أيضا ، بأنّ الأولى توثيقه وعدّه في القسم الأوّل كما ذكر فيه من هو أدنى منه كثيراً، مثل محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي ومحمّد بن عبد الرحمن السهمي وغيرهم، مع أنّ المدح الذي نقل في شأن هذين منقول عن ابن عقدة . ثمّ نقل عنه أنّه قال : وكذا فعل ابن داوود . انتهى المنقول من النقد . ۱
فوجّه اعتراضه عليه وزاد بأنّه قد عدّ في القسم الأوّل جماعة كان مذهبهم على خلاف الحقّ ، كالفطحية بمحض شهادة أصحابنا بأنّهم ثقات ، فعدّه له في القسم الأوّل كان أولى .
أقول : اعتراضهما غير وارد عليه ، نشأ من عدم التتبّع ، إذ لعلّه اطّلع على ما نقله الخطيب وغيره ممّا يدلّ على عدم مبالاته في حفظ الحديث وتدليسه في جعل الطريق وغيره ممّا يضرّ بعدالته ، فأوجب ذلك أن لا يعمل بتوثيق الشيخ والنجاشي له ، ويترك حديثه ؛ لكونه مجروحاً مطعوناً ، والجرح مقدّم على التعديل ، وإن كان المعدّل متعدّداً والجارح واحداً ، سيّما إذا كان سبب الجرح معلوماً.
قال الشهيد الثاني في الدراية:
ولو اجتمع في واحد جرح وتعديل ، فالجرح مقدّم على التعديل ، وإن تعدّد المعدّل وزاد على عدد الجارح على القول الأصحّ؛ لأنّ المعدّل مخبر عمّا ظهر عن حاله، والجارح يشتمل على زيادة الاطّلاع ؛ لأنّه يخبر عن باطن خفي على المعدّل ، فإنّه لا يعتبر فيه ملازمته في جميع الأحوال ، فلعلّه ارتكب الموجب للجرح في بعض الأحوال التي فارقه فيها، هذا إذا أمكن الجمع بين الجرح والتعديل ... إلخ . ۲

1.نقد الرجال للتفرشي : ج ۱ ص ۱۵۹ الرقم ۳۱۹ .

2.الرعاية في علم الدراية : ص ۱۹۹ .

صفحه از 193