عِدّاتُ الكليني و مشايخه - صفحه 186

المسترقّ اثنتان وعشرون ، وهذا أغرب منه ؛ لأنّه وإن لم ترَ من تعرّض لمدّة حياته ، بل اقتصروا على ذكر سنة وفاته ، ولكن إن عُمِّرَ رحمه الله هذا المقدار لصار ذائعا شائعاً وليس ممّا يخفى على أصحاب الرجال .
لابدّ من الالتزام بأحد هذين على سبيل منع الخلوّ، إمّا القول بأنّ أبا داوود الذي روى عنه بلا واسطة غير المسترقّ، أو أنّه هو المسترقّ ، ولكن روى عن كتابه لوثوقه بالكتاب، قد يقوى في النظر أنّه هو المسترقّ وأنّ الكليني نقل عن كتابه ؛ لما ذكر المجلسي والسيّد الداماد من أنّ طبقته لا يحتمله ، والمسموع من المشايخ اتّحادهما، ولكن التأمّل يؤتي خلافه ؛ لأنّ عدم اتّحاد الطبقة لا يقتضي أكثر من أنّ الذي روى عنه غيرُ المسترقّ ، ولكن اتّحادهما لا يثبت بذلك، وكذا صِرف السماع من المشايخ ما لم يذكر منهم دليل عليه ولم يوجب الاطمئنان والوثوق الشخصي لا يمكن الركون إليه، فلعلّ ما ذكره المشايخ مبنيّة على اجتهاداتهم ، وهي ليست حجّة لنا، مع أنّا لم نجد قرينة تدلّ على ذلك في كتاب الكافي .
إن قلت: إنّه قد صرّح في بعض المواضع بلقبه بقوله : «أبو داوود المسترقّ» ، كما مرّ فاكتفى بذلك عن ذكره في سائر الموارد ، فيكشف عنه أنّه هو .
قلت: إنّ الموارد التي ذكره ملقّبا يكون فيما نقل عنه بواسطتين على ما رأينا، فيكشف عنه أنّه إن وقع الرجل في إسناده وتقدّم عليه بطبقة أو طبقتين عليه، يحكم بأنّه هو المسترقّ، بخلاف ما إذا نقل عنه بلا واسطة فلا دليل عليه، فلا يحكم باتّحادهما . وأمّا ما يظهر ممّا ذكره المجلسي رحمه اللهفي قوله المتقدّم : «اعلم إنّه كثيرا ما يروي الكليني عن أبي داوود المنشد أو المسترقّ» من أنّ الكليني رحمه الله صرّح بلقب أبي داوود فيما روى عنه بلا واسطة أيضاً، فهو مبنيّ على استنباطه بأنّه هو المنشد ، وإلّا إن صرّح رحمه الله بذلك كان قرينة قوية على أنّهما واحد وأنّه رحمه الله أخذ من كتابه لاختلاف الطبقة، فحينئذٍ لا معنى للاختلاف بين الرجاليّين.
والحاصل : إنّ النفس كلّما تريد أن تذهب إلى القول بكونهما متّحدَيْن الدليل، فلم

صفحه از 193