حياة الشيخ الكليني - صفحه 16

الشيعة؟
كانت الصفة الغالبة على أهل الري قبل عصر الكليني هي الأموية السفيانية الناصبة، مع تفشّي الآراء المتطرّفة والأفكار المنحرفة، والفرق الكثيرة التي لا تدين بمذهب آل محمّد صلى الله عليه و آله . لكن لم يعدم الوجود الشيعي في الري، وإنّما كان هناك بعض الشيعة من الرازيين الذين اعتنقوا التشيّع تأثّرا بمبادئه، وساعدهم على ذلك وجود بعض الموالي الشيعة من الفرس في الكوفة في زمان أمير المؤمنين عليه السلام ، مضافاً لمن سكن الري من شيعة العراق، ومن استوطنها من أبناء وأحفاد أهل البيت عليهم السلام الذين جاؤوها هربا من تعسّف السلطات. ويظهر من خلال بعض النصوص أنّ الشيعة فيها كانوا في تقيّة تامّة، حتّى بلغ الأمر أنّ السيد الجليل عبدالعظيم الحسني الذي سكن الري وكان من أجلّاء أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهماالسلام ، لم يعرفه أحد من شيعة الري إلى حين وفاته، حيث وجدوا في جيبه ـ وهو على المغتسل ـ رقعة يذكر فيها اسمه ونسبه!

المبحث الثاني: بغداد سياسيا وفكريا في عصر الكليني

المطلب الأوّل: الحياة السياسية ببغداد

امتاز العصر العبّاسي الأوّل (132 ـ 232 ه ) بسيطرة العبّاسيين على زمام الأُمور سيطرة محكمة، وإدارة شؤون الدولة بحزم وقوّة، بخلاف العصر العبّاسي الثاني الذي ابتدأ بمجيء المتوكّل إلى السلطة وانتهى بدخول البويهيين إلى بغداد سنة (344 ه ) حيث تدهورت فيه الأوضاع السياسية كثيرا لاسيّما في الفترة الأخيرة منه، وهي التي عاشها الكليني ببغداد، فلابدّ من إعطاء صورة واضحة للمؤثّرات السياسية والفكرية التي أسهمت في تكوين رؤية الكليني للمجتمع الجديد وتساؤلاته التي حاول الإجابة عليها في كتابه الكافي، فنقول:
يرجع تدهور الحياة السياسية ببغداد في عصر الكليني إلى أسباب كثيرة أدّت إلى

صفحه از 86