حياة الشيخ الكليني - صفحه 19

الأُمور، الأمر الذي يعبّر لنا عن ضعف السلطة المركزية وتدهورها؛ لانشغالهم بلهوهم ومجونهم، مما تسبّب في سيطرة الأتراك على الدولة وتدخّلهم المباشر في رسم سياستها، ويرجع تاريخ تدخّلهم في ذلك إلى عهد المعتصم (218 ـ 227 ه )؛ لأنّه أوّل من جلبهم إلى الديوان، ثمّ صار جلّ اعتماده عليهم في توطيد حكمه، فانخرطوا في صفوف الجيش، وترقّوا إلى الرتب والمناصب العالية، فقويت شوكتهم إلى أن تفرّدوا بالأمر ، غير تاركين لسادتهم الخلفاء سوى سلطة اسمية، وأصبح الخليفة كالأسير بيد حرسه.
وعانى بنو العبّاس من العنصر التركي وبال ماجنته أيديهم، وذاقوا منهم الأمرين، حتّى صار أمر البلاد بأيديهم يقتلون ويعزلون وينصبون من شاؤوا.
وفي عهد المستعين باللّه ، غَلَب أوتامش ابن اُخت بغا الكبير على التدبير والأمر والنهي ۱ ، وكان المستعين أُلعوبة بيد وصيف وبغا الكبير، ثمّ خلعوه وبايعوا المعتزّ، ثمّ بدا لهم قتل المستعين فذبحوه كما تذبح الشاة، وحملوا رأسه إلى المعتزّ ۲ . وكذا المعتزّ فقد غُلِب على أمره، وتفرّد بالتدبير صالح بن وصيف ۳ .
وأمّا المهتدي (255 ـ 256 ه ) فقد خلعه الأتراك، وهجموا على عسكره فأسروه وقتلوه . وأمّا المقتدر فقد بايعه الأتراك وعزلوه ، ثمّ أعادوه أكثر من مرّة.
وأمّا القاهر باللّه (320 ـ 322 ه ) فسرعان ما خلعوه من السلطة، وسملوا عينيه بمسمار محمي حتّى سالتا على خدّيه. وكذا الراضي (322 ـ 329 ه ) ومن جاء بعده كالمتّقي (329 ـ 333 هـ)، والمستكفي (333 ـ 334 هـ) الذي دخل البويهيون في زمانه إلى بغداد، حيث سملت أعينهم جميعاً.

1.. التنبيه والإشراف : ص ۳۱۵.

2.. تاريخ الطبري : ج ۹ ص ۳۴۸ و۳۶۳ و۳۸۹ ـ ۳۹۰، تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۴۹۹.

3.. التنبيه والإشراف : ص ۳۱۶.

صفحه از 86