حياة الشيخ الكليني - صفحه 23

ومن الواقفة: محمّد بن الحسن بن شمّون، أبو جعفر البغدادي.
ومن المعتزلة: الجبائي المعتزلي، وكان رأسا في الاعتزال.
وأمّا الحديث عن فقهاء وعلماء الشيعة الإمامية ببغداد فسيأتي في مكان لاحق.
كما ازدهرت علوم اللغة العربية، وبرز عدد كبير من النحاة، والأدباء، والكتّاب، والشعراء من البغداديين أو الذين وصلوا إليها وأملوا علومهم على تلامذتها، من أمثال المبرد، وثعلب، والزجّاج، وابن السرّاج. ومن الشعراء: البحتري ، وابن الرومي وغيرهما. كما شهد النثر نقلة جديدة في تاريخه في هذا العصر ببغداد، وهو ما يعرف بالنثر الفنّي .
ومن خصائص هذا العصر التطوّر الكبير الذي شهده الخطّ العربي، حيث استُبدِل الخطّ الكوفي المعقّد بخطّ النسخ الرشيق السهل. ممّا ساعد على سرعة الكتابة والاستنساخ. كما نشط المؤلّفون في هذا العصر في علوم الشريعة الإسلامية وغيرها كالتفسير، والتاريخ، والجغرافية، والطبّ، والهندسة، والرياضيّات، والفلك، والفلسفة.
ومن معالم النشاط الثقافي في هذا العصر ببغداد الاندفاع نحو ترجمة الكتب النفيسة من السريانية، واليونانية، والفارسية إلى اللغة العربية.
ونتيجة منطقية لهذه الحركة الواسعة من التأليف والترجمة طفحت حوانيت الورّاقين بالكتب، وما أكثر الورّاقين ببغداد في ذلك العصر. وبلغ شغف العلماء بالكتب في عصر الكليني درجة تفوق الوصف، بحيث أنّ قسما منها كان يُكتب بماء الذهب، وكانت مكتبة سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي التي أنشأها بالكرخ من بغداد سنة (381 ه ) تضمّ الآلاف من تلك الكتب القيّمة. ولكن الطائفية البغيضة جنت على حضارة الأُمّة، فأحرقت بهمجيّتها تراثها العتيد.

صفحه از 86