حياة الشيخ الكليني - صفحه 24

الثاني: الهوية الشخصية للشيخ الكليني

توطئة

هناك الكثير من الأُمور الغامضة في الحياة الشخصية لعباقرة الشيعة، لم تزل طرق البحث موصدة أمام اكتشافها؛ لعدم وجود ما يدلّ على تفاصيل تلك الحياة، خصوصا بعد حرق مكتبات الشيعة في القرن الخامس الهجري. ولا يفيدنا علم الرجال إلّا شذرات من هنا وهناك. وأمّا علم التراجم، فعلى الرغم من تأخّر نشأته، وضياع أُصوله الاُولى، لا زال إلى اليوم يفتقر إلى الأُسس الموضوعية التي لابدّ من مراعاتها، ولا يكفي وصول بعض مؤلّفاتهم أو كلّها لإزالة ذلك الغموض؛ لاختصاص كلّ كتاب بموضوعه؛ فكتب الحديث مثلاً لا تدلّنا على أصل مؤلّفيها، ولا توقفنا على عمود نسبهم ولا تاريخ ولاداتهم أو نشأتهم، وهكذا في أُمور كثيرة أُخرى تتّصل بهويّتهم، وإن أفادت كثيرا في معرفة ثقافتهم وفكرهم وتوجّههم. وانطلاقا من هذه الحقائق المرّة سنحاول دراسة الهوية الشخصية للكليني بتوظيف كلّ ما من شأنه أن يصوِّر لنا جانبا من تلك الهوية، لنأتي بعد ذلك على دراسة شخصيته العلمية وبيان ركائزها الأساسية، كالآتي:

أوّلاً : اسمه

هو محمّد بن يعقوب بن إسحاق، بلا خلاف بين سائر مترجميه، إلّا من شذّ منهم من علماء العامّة، كالوارد في الكامل في التاريخ في حوادث سنة (328 ه ) حيث قال:
وفيها تُوفّي محمّد بن يعقوب، وقُتِل محمّد بن علي أبو جعفر الكليني، وهو من أئمّة الإمامية، وعلمائهم ۱ .
ولعلّ من الطريف أنّي لم أجد من اسمه (محمّد بن علي بن إسحاق، أبو جعفر

1.. الكامل في التاريخ : ج ۸ ص ۳۶۴.

صفحه از 86