حياة الشيخ الكليني - صفحه 34

ولهذا لم يكتف أحد من علماء الحديث وأقطابه في حدود مدينته.
ولهذا طاف الكليني في الكثير من حواضر العلم والدين في بلاد الإسلام، وسمع الحديث من شيوخ البلدان التي رحل إليها. فبعد أن استوعب ما عند مشايخ كُلَيْن من أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، اتّجه إلى الريّ لقُربها من كُلَيْن، فاتّصل بمشايخها الرازيّين، وحدّث عنهم. ولا يبعد أن تكون الري منطلقَه إلى المراكز العلمية المعروفة في بلاد العجم ومن ثَمَّ العودة إلى الريّ؛ إذ التقى بمشايخ من مدنٍ شتّى وحدّث عنهم؛ فمن مشايخ قمّ الذين حدّث عنهم: أحمد بن إدريس ، وسعد بن عبداللّه بن أبي خَلَف الأشعري وغيرهما. كما حدّث عن بعض مشايخ سمرقند كمحمّد بن علي الجعفري ، ونيسابور كمحمّد بن إسماعيل النيسابوري ، وهمدان ، كمحمّد بن علي بن إبراهيم الهمداني .
وبعد أن طاف الكليني في المراكز العلمية في إيران رحل إلى العراق واتّخذ من بغداد قاعدة للانطلاق إلى المراكز العلمية الأُخرى، إلى أن وافاه أجله المحتوم فيها. فقد حدّث بعد ارتحاله من بغداد إلى الكوفة عن كبار مشايخها، كأبي العبّاس الرزّاز الكوفي، وحميد بن زياد الكوفي، كما رحل إلى الشام بعد أن وقف على منابع الحديث ومشايخه في العراق ، وحدّث ببعلبك ، كما صرّح بهذا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة ثقة الإسلام ۱ .

أسباب هجرة الكليني إلى بغداد

لم تكن هجرة الكليني قدس سره من الري إلى بغداد هجرة مجهولة السبب ۲ ، ولا تأثّرا بالمنهج العقلي الذي عُرِفت به المدرسة البغدادية ، كما لم تكن هجرة الكليني إلى بغداد بدوافع سياسية من قبل البويهيين، كما توهّمه صاحب كتاب الكليني

1.. تاريخ دمشق : ج ۵۶ ص ۲۹۸ الرقم ۷۱۲۶ .

2.. مقدّمة تحقيق كتاب الرسائل العشر للشيخ الطوسي للشيخ واعظ زاده الخراساني : ص ۱۷.

صفحه از 86