حياة الشيخ الكليني - صفحه 70

سابعا : كتاب الكافي

وهو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من مؤلّفات ثقة الإسلام، وهو موسوعة حديثية، فيه إلى جانب ما يلبّي حاجة الفقيه، والمحدّث، دقائق فريدة تتعلّق بشؤون العقيدة، وتهذيب السلوك، ومكارم الأخلاق. وقد رُزق هذا الكتاب فضيلة الشهرة في حياة مؤلّفه، فلا نظير له في بابه .
والمنهج المتّبع في الكافي للوصول إلى أُصول الشريعة وفروعها وآدابها وأخلاقها، إنّما هو بالاعتماد على حَمَلَة آثار النبوّة من نقلة حديث الآل عليهم السلام ، الذي هو حديث الرسول صلى الله عليه و آله ، إذ صرّح أهل البيت عليهم السلام بأنّهم لا يحدّثون الناس إلّا بما هو ثابت عندهم من أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله ، وأنّهم كانوا يكنزونها كما يكنز الناس ذهبهم وورقهم، وأنّها كلّها تنتهي إلى مصدر واحد، وبإسناد واحد ۱ .
ومن ثمرات هذا التضييق في رواية السنّة المطهّرة في الكافي، وحصرها بذلك النمط من حملة الآثار، أنّك لا تجد بينهم للاُمويين وأذنابهم وأنصارهم وزنا ولا اعتبارا، ولا للخوارج والنواصب ورواتهم ذِكرا، ولا لمن لم يحفظ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله في أهل بيته عليهم السلام ۲ عينا ولا أثرا ۳ . كما لا تجد فيه لمن نافق ممّن تسمّى بالصحابة ولصق بهم خبرا ۴ .
وهذا المنهج وإن كان هو المنهج العامّ عند محدّثي العترة، إلّا أنّ شدّة التزام الكليني به مع ميزات كتابه الأُخرى هي التي حملت الشيخ المفيد قدس سره على القول: «بأنّ

1.. وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى منها : المحاسن للبرقي: ص ۱۵۶ ح ۸۷ ، و ص ۱۸۵ ح ۱۹۴.

2.. في الحديث الشريف: «من حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند اللّه عهدا» الصواعق المحرقة: ص ۱۵۰.

3.. يدخل في هذا الصنف جميع رواة العامّة الذين عاصروا أهل البيت عليهم السلام ، وتعمَّدوا ترك الرواية عنهم.

4.. كان ابن عبّاس رضى الله عنه يسمّي سورة التوبة بالفاضحة ، لأنّها فضحت المنافقين من الصحابة ولم تدع أحدا منهم إلّا أتت عليه، وسمّاها قتادة بن دعامة التابعي بالمثيرة، لأنّها أثارت مخازيهم، وسمّاها آخر بالمبعثرة؛ لأنّها بعثرت أسرارهم. راجع معالم التنزيل البغوي : ج ۳ ص ۳.

صفحه از 86