حياة الشيخ الكليني - صفحه 71

الكافي من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة» ۱ ، كما حملت غيره على الإعجاب بكتاب الكافي والثناء على مؤلفه ۲ .
ومن هنا بذل علماء الشيعة ـ قديما وحديثا ـ جهودا علمية مضنية حول الكافي، فاستنسخوه كثيرا ۳ ، وشرحوا أحاديثه، وبيّنوا مشتركاته، ووضّحوا مسائله، واختصروه، وحقّقوا أسانيده، ورتّبوا أحاديثه، وصنّفوها على ضوء المصطلح الجديد، وترجموه إلى عدّة لغات، بحيث وصلت جهودهم حول الكافي إلى أكثر من مئتي كتاب. ومع كلّ هذه الجهود لم يقل أحد منهم بوجوب الاعتقاد والعمل بجميع ما بين دفّتيه، ولا ادُّعي إجماع على صحّة جميع ما فيه .
كما أنّ إعراض الفقهاء عن بعض مرويّات الكافي، لا يدلّ على عدم صحّتها عندهم، ولا ينافي كون الكافي من أجلّ كتبهم، إذ ربّ صحيح لم يُعمل به لمخالفته المشهور، وقد يكون وجه الإعراض لدليل آخر وعلّة أُخرى لا تقدح بصحّة الخبر.

حكاية عرض «الكافي» على الإمام المهدي عليه السلام

قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه السلام ، ويستنصر لمقولة : «الكافي كافٍ لشيعتنا» بعد تلطيفها! وينسب للكليني رحمه الله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّدا مع السفراء الأربعة رضي اللّه تعالى عنهم، ويؤكّد تارةً أخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف، وثالثة يتساءل: كيف لم يطلب أحد السفراء

1.. تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد: ص ۷۰ فصل في النهي عن الجدال.

2.. مرآة العقول للعلّامة المجلسي : ج ۱ ص ۳، الوافي الفيض الكاشاني : ج ۱ ص ۶.

3.. بلغت نسخه الخطّية (۴۸۹) نسخة موزّعة على مكتبات العالم الإسلامية وغيرها بحسب الفهرس الشامل لمخطوطات الحديث وعلومه المطبوع في الأردن فيما تتبعّناه، وقد فاته الكثير ممّا في مكتبات الشيعة من نسخ الكافي.

صفحه از 86