أشعار الكافي ، دراسة تحليلية - صفحه 299

2 ـ الجانب التاريخي

وفيه يورد أبياتا تعدّ أدلّة تاريخية وحججا دامغة يُراد منها رفع التوهّم الذي قد يتحصّل عند بعض المغرضين ، أو تكون دليلاً مضافا إلى حقيقة تاريخية شائعة بين الناس ، ومن تلك الأبيات ما ذكره الشيخ الكليني في كتاب الحجّة باب مولد النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمووفاته تحديدا ، قال أبو طالب : (من الطويل)
ألَم تَعلَموا أَنّا وَجَدنا مُحَمّدانَبيّا كَموسى في أَوَّلِ الكُتُبِ۱
وقوله : (من الطويل)
لَقَد عَلِموا أَنَّ ابنَنا لا مُكَذَّبٌلَدَينا وَلا يَعبأُ بِقيلِ الأَباطِلِ
وَأَبيَضُ يُستَسقى الغَمامُ بِوَجهِهِثِمالُ اليَتامى عِصمةٌ لِلأَرامِلِ۲
وقد وردت هذه الأبيات شاهدا على من زعم أنّ أبا طالب كان كافرا ؟ فكانت الأبيات حججا دامغة وأدلّة تاريخية ساطعة تبطل تلك المزاعم وتهدّها، تُضاف إلى الحديث المشهور عن أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام ، قال :
إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين۳.
فموطن الشاهد في الأبيات ملائم لمكان وروده في الكتاب وموضوعه الذي هو «الحجّة» .
وفي موضعٍ آخر وفي باب مولد الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ، يروي لنا الشيخ الكليني بيتا لأبي الأسود الدؤلي في الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ، هو : (من الطويل)
وَإِنَّ غُلاما بَينَ كِسرى وَهاشمٍلأََكرَمُ مَن نِيطَت عَلَيهِ التَّمائِمُ۴
وحجّة البيت أبين من أن نجلو غبارها ، فهي الشمس الساطعة في كبد السماء ، وصدق ما قيل في الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام أنّه : «ابن الخيرتين ، فخيرة اللّه من العرب هاشم ، ومن العجم فارس» ۵ ، فنوره جمع بين خيرة أهل الأرض من العرب هاشم، ومن العجم فارس، وتحديدا في ابنة يزدجرد آخر ملوك فارس .
وفي مكانٍ آخر يورد هذين البيتين لفاطمة الزهراء عليهاالسلام : (من البسيط)
قَد كانَ بَعدَكَ أَنباءٌ وَهَنبَثَةٌلَو كُنتَ شاهِدَها لَم يَكثُرِ الخَطبُ۶
إِنّا فَقدناكَ فَقدَ الأَرضِ وابِلَهاواختَلَّ قَومُكَ فاشهَدهُم وَلا تَغِب۷
والبيتان يمثّلان مطالبة الزهراء عليهاالسلام القوم بعد إخراج أمير المؤمنين عليه السلام من البيعة ، أو عند غصب فدك ، وقد قالتهما أو تمثّلت بهما بعد فقد النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم، ولعلّنا نقول لهم من خلال هذين البيتين :
سلهم، أهي عليهاالسلام صادقة في هذا القول، أم كاذبة ؟ فإن قالوا : كاذبة، فقد كفروا ، وإن قالوا : صادقة ، فسلهم: ما سبب تلك الهنبثة ؟ ثمّ قل : مَن أضلّه اللّه فلا هادي له ۸ .

1.. ديوان أبي طالب : ص ۱۰۲ ؛ وانظر : أُصول الكافي: ج ۱ ص ۴۴۹ .

2.. ديوان أبي طالب : ص ۲۶ ورواية الديوان: . . . بقول الأباطل ؛ وانظر : أُصول الكافي: ج ۱ ص ۴۴۹ .

3.. أُصول الكافي: ج ۱ ص ۴۴۸ .

4.. البيت غير موجود في ديوان أبي الأسود بتحقيق الشيخ محمّد حسن آل ياسين ، ولا في ديوانه الآخر بتحقيق عبد الكريم الدجيلي ، وإنّما نُسب إليه منفردا في بعض كتب الأخبار، كما في: مناقب آل أبي طالب: ج ۳ ص ۳۰۵ ؛ ومدينة المعاجز: ج ۲ ص ۲۵۶ ؛ وشرح الأخبار: هامش صفحة ۲۶۶ ، وفي البيت رواية أُخرى: أليس غلام بين كسرى وظالم بأكرم . . . ، وفي هذه الرواية يُنسب إلى ابن ميّادة ، انظر : ديوانه: ص ۹۸ ؛ الأغاني: ج ۲ ص ۲۵۶ ؛ الوافي بالوفيات: ج ۱۴ ص ۹۷ ، والبيت بلا عزو في أعيان الشيعة: ج ۸ ص ۲۰۶ .

5.. أُصول الكافي: ج ۱ ص ۴۶۷ .

6.. الهَنبَثة: واحدة الهنابث ، وهي الأُمور الشدائد المختلفة : انظر : لسان العرب: ج ۲ ص ۱۹۹ مادّة «هنبث» .

7.. البيتان مُتنازع عليهما بين الزهراء عليهاالسلام انظر : مثلاً: أُصول الكافي: ج ۲ ص ۵۴۰ ؛ أمالي المفيد: ص ۴۱ ؛ الاحتجاج: ج ۱ ص ۱۲۳ ؛ مناقب آل أبي طالب: ج ۲ ص ۵۱ ، وصفية بنت عبد المطّلب، وأنّ الزهراء عليهاالسلامتمثّلت بهما : دلائل الإمامة: ص ۱۱۸ ، وصفية من دون التمثيل : الإصابة: ج ۸ ص ۲۱۵ ؛ لسان العرب: ج ۲ ص ۱۹۹ مادّة «هنبث» ؛ تاج العروس: ج ۳ ص ۲۸۰ مادّة «هنبث» ، وهند بنت أُثاثة، وأنّ الزهراء عليهاالسلام تمثّلت بهما : شرح الأخبار: ج ۳ ص ۲۹ ؛ كشف الغمّة: ص ۱۱۳ / ۲ ، وهند من دون التمثيل : الطبقات الكبرى: ج ۲ ص ۳۳۲ .

8.. شرح أُصول الكافي: ج ۱۲ ص ۵۴۰ .

صفحه از 314