بحوث فقهية المباني الفقهية للمحدّثين في ضوء كتاب الكافي - صفحه 259

بحوث فقهية المباني الفقهية للمحدّثين في ضوء كتاب الكافي

«الشيخ الصدوق نموذجا»

حيدر محمّد علي السهلاني ۱

قال تعالى في محكم كتابه المبين:
«وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ»۲ .
عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام ، جعفر بن محمّد قال:
إذا كان يوم القيامة ، جمع اللّه عزّ وجلّ الناس في صعيدٍ واحد ، ووضعت الموازين ، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء ، فيُرّجح مداد العلماء على دماء الشهداء۳.

المقدّمة

الحمد للّه إقرارا بربوبيته ، وإخلاصا لوحدانيته ، وصلّى اللّه على محمّدٍ سيّد بريته ، وعلى الآل من عترته ، وسلّم تسليما كثيرا ، أمّا بعد:
إنّ الثراء العلمي الذي حملته مدرسة الإمامية الروائية ببركة علوم محمّد وأهل بيته صلوات اللّه وسلامه عليهم ، جعلته من المدارس المهمّة التي استطاعت به بسط نفوذها في تاريخ الفكر الإسلامي ، رغم محاولات الطرف الآخر الحدّ من انتشارها .
قد ساهم ذلك الثراء في إبراز تلك المدرسة بالعديد من الموسوعات الحديثية ، أهمّها الكتب الأربعة: الكافي للكليني (ت 329 ه) ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق (ت 381 ه) ، وتهذيب الأحكام والاستبصار في مختلف الأخبار للطوسي ( ت 460 ه) .
وقد كانت هذه الكتب مجال اهتمام جلّ علماء التدوين ، فأُلّفت حولها الحواشي والكتب المعتبرة والشارحة لمتونها ، والمبينة من صحيح الحديث وضعيفه ، وموثقه وحسنه لسندها ، فضلاً عن دراستها تاريخيا وفقهيا ، وعقيدةً وسلوكا وأدبيا ، وغير ذلك بحسب طريقة الباحث ، وهي إلى اليوم ما تزال غضّةً طريّة تنعم بالتحليل والنقد والإضاءات والكشف عمّا حوته من إسرار علوم محمّد وآل بيته عليه السلام .
فكانت قواسم مشتركة بين تلك الكتب ، من الأخبار المتعلّقة بالأحكام الشرعية ، والتي يبتني عليها المذهب الخاصّ بل الدين عامّة ، وفي نفس الوقت هناك من الأخبار المتعارضة التي يمكن في بعض الأحيان إيجاد صيغة جمع بينها ، ولكن في البعض الآخر ممّا يكون صريحا في المعارضة ، ويكون هذا الدليل والخبر مبنىً فقهيّ أو أُصولي لصاحب تلك الموسوعة .
في هذه الدراسة المقتضبة حاولت أن أقف على البعض من المباني الفقهية للشيخ علي بن محمّد بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله ( ت 381 ه) ، في ضوء مباني ثقة الإسلام الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب المعروف بالكليني رحمه الله( ت 329 ه) ، وإيجاد الصيغ التوافقية في مبانيهم للأحكام ، وإبراز ما اختلفوا فيه رغم قرينة الزمن الذي هم فيه ، أسميته بـ: «المباني الفقيه للمحدّثين في ضوء كتاب الكافي: الصدوق نموذجا» .
وقد جاءت دراستي لهذا البحث ضمن فصلين:
الفصل الأوّل: مباني الشيخ الصدوق فيما وافق الكليني (المباني المتوافقة) .
الفصل الثاني: مباني الشيخ الصدوق فيما عارض الكليني (المباني المتعارضة) .
وقبل بيان ذلك لا بدّ من تمهيد:

1.جامعة الكوفة / كلّية الفقه ـ العراق ۱۴۲۹ ه / ۲۰۰۸ م .

2.الأحقاف : ۱۹ .

3.كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق : ج ۴ ص ۳۹۹ ح ۵۸۵۳ .

صفحه از 293