سبب بلاء يوسف عليه السلام
في يوم من الأيّام دعا علي بن الحسين عليه السلام مولاة له ، فقال :
لا يقف على بابي سائل إلّا أطعمتموه؛ فإنّ اليوم يوم الجمعة ، قلت : ليس كلّ سائل محقّ ، فقال : أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّاً فلا نطعمه ونردّه فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً فيتصدّق منه ويأكل هو وعياله منه، وأنّ سائلاً مؤمناً صوّاماً قوّاماً محقّاً، له عند اللّه منزلة، كان مجتازاً غريباً، اعترّ بباب يعقوب عشية الجمعة عند أوان الإفطار، فهتف على بابه: اطعموا السائل الغريب الجائع من فضلكم ، فلمّا يئس شكا جوعه إلى اللّه تعالى، وبات خاوياً وأصبح صائماً، وبات يعقوب وآله شباعاً وأصبحوا عندهم فضلة من طعام .
فأوحى اللّه تعالى إلى يعقوب صلوات اللّه عليه ، استوجبت بلواي، أو ما علمت أنّ البلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي ؟ وذلك حسن نظر منّي لأوليائي، استعدّوا لبلائي .
فقلت لعلي بن الحسين صلوات اللّه عليهما ، متى رأى الرؤيا ؟ قال : في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآله شباعاً، وبات ذلك الغريب جائعاً، فلمّا قصّها على أبيه اغتمّ يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أُوحي إليه أن استعدّ للبلاء ، وكان أوّل بلوى نزلت بآل يعقوب الحسد ليوسف عليه السلام۱.
ولا شكّ أنّ قول علي بن الحسين عليه السلام : «فإنّ اليوم يوم الجمعة» فيه تأكيد على حرمة هذا اليوم، إذ فيه تجتمع أهل الإسلام في كلّ أُسبوع مرّة بالمعابد الكبار، وفيه كمل جميع الخلائق، فإنّه اليوم السادس من السنة التي خلق اللّه فيها السماوات والأرض ، وفيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنّة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل اللّه فيها خيراً إلّا أعطاه إيّاه، وفيه أكمل اللّه الخليقة ۲ ، كذلك أكّد الإمام عليه السلام على حرمة السائل وعدم ردّه، قوله تعالى «وَ أَمَّا السَّآئِلَ فَلَا تَنْهَرْ»۳ ، أي فلا تكن جبّاراً ولا متكبّراً، ولا فحّاشاً ولا فظّاً على الضعفاء من عباد اللّه ۴ .
1.قصص الأنبياء للراوندي: ص ۱۲۱ ـ ۱۲۲.
2.انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ص ۹.
3.الضحى: ۱۰.
4.تفسير القرآن العظيم: ص ۳۱۶.