رابعا: مشهد قميص يوسف عليه السلام
انتقال القميص من إبراهيم إلى آل محمّد عليهم السلام
عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل السرّاج ، عن بشير بن جعفر ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال :
سمعته يقول : أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام ؟ قال : قلت: لا ، قال : إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا أُوقدت النار، أتاه جبرئيل عليه السلام بثوبٍ من ثياب الجنّة فألبسه فلم يضرّه معه حرٍّ ولا بردٍ، فلمّا حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة، وعلّقه إسحاق على يعقوب، فلمّا ولد يوسف علّقه عليه، فكان في عضده حتّى كان ما كان ، فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة، وجد يعقوب ريحه، وهو قوله:«إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ»۱، فهو ذلك القميص الذي أنزله اللّه من الجنّة .
قلت : جُعلت فداك، فإلى مَن صار ذلك القميص الذي أنزله ؟ قال : إلى أهله. ثمّ قال : كلّ نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمّد صلى الله عليه و آله۲.
وقوله تعالى: «وَ جَآءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ»۳ ، أي مكذوب مفتعل ؛ لأنّهم عمدوا إلى سخلة ذبحوها ، فأخذوا من دمها فوضعوه ليوهموه أنّه أكله الذئب ، قالوا : ونسوا أن يخرقوه ، وآفة الكذب النسيان ! ولمّا ظهرت علائم الريبة لم يرج صنيعهم على أبيهم ، فإنّه كان يفهم عداوتهم له ۴ .
وهناك دلالات كثيرة لهذا القميص، فهو يوسف الحي، وهو يوسف الحاكم، وهو لقيا يوسف ، وهو اختفاء شبح المجاعة ، وهذا كلّه يزيد من سعة الصورة الدلالية لدى المتلقّي ، والرقّة والحنان والرحمة في تصوير عواطف إنسانية بين أب وابنه ۵ .
وهو دلالة يوسف الحي (ريحه)، ويوسف الحاكم (إرسال القميص بيد إخوته إلى أبيه)، واختفاء شبح المجاعة (العودة إلى أهله وعدم تعرّضهم إلى مجاعات السنين السابقة) .
1.يوسف: ۹۴.
2.الكافي : ج ۱ ص ۲۵۸.
3.يوسف: ۱۸.
4.انظر: قصص الأنبياء لابن كثير: ص ۲۲۶.
5.انظر: المكان في الفنّ القصصي: ص ۱۳۷.